ماريان بريمَر – قنطرة – 17 فبراير 2021/
إيران أكثر حداثة مما يعتقد كثيرون. فالنظرة إلى هذا البلد تصبغها الأحداث السياسية الشائكة اليومية مع أنه يملك ثروة تاريخية وثقافية فريدة. الصحفي الألماني ماريان بريمَر يعبر عن حبه لإيران وشعبها من خلال موقع قنطرة، متسائلا: إلى أي مدى يمكن رسم صورة مختلفة لإيران من خلال الجمال الثقافي والعنصر الإنساني؟
لم يكن بإمكان حافظ [الشيرازي] أن يختار لنفسه مثوًى أخيرًا أَلطف وأَجمل: تحيط أشجار النارنج الغيداء بضريح الشاعر القائم على ثمانية أعمدة تعلوها قبة في مدينة شيراز بجنوب إيران. يُسمع صوت عندليب يُغرِّد نحو سماء المساء. وتنعكس في مياه البِركتين الفسيفساءُ اللامعة التي تزيِّن السقف من الداخل، بينما يمتلئ الهواءُ الدافئ بأنغام العود الهادئة عبر مكبِّرات الصوت.
يحتلُ محبو الشاعر الوطني الدرج أمام التابوت الحجري الرخامي الأبيض: مجموعات من الطلاب ومُحبَّان حالمان وعائلات مع بنات يرتدين الجينز وجدَّات بعباءات سوداء. وقد نثر أحد ما أوراق ورد حمراء غامقة فوق الكتابة المنقوشة بخطّ منحنٍ على التابوت.
يبدو الجو هنا وكأن شعر حافظ أصبح حقيقة. معظم الزوَّار يحملون معهم نسخةً من “ديوانه”، من تلك المجموعة الشعرية الشهيرة المكوَّنة من مئات القصائد، والتي ظهرت ترجمتها الألمانية للمرة الأولى في عام 1812 بلغة المستشرق النمساوي يوسيف فون هامَر بورغشتال.
تهديدات من واشنطن
تعتبر أبيات شعر حافظ منذ أكثر من ستمائة عام ملاذًا يلجأ إليه الإيرانيون، ونبوءةً من أجل الإجابة على أسئلة صعبة، ودليلًا مُشفَّرًا، ومنزلًا أنيسًا في الأوقات المضطربة. ومعظم الإيرانيين استمعوا لقراءات من شعر حافظ وهم في أحضان أجدادهم. وحافظ يعتبر أستاذَ الاستعارات ومحافظًا على جميع الأسرار – نادرًا ما نجد إيرانيًا لم ينشأ في عالم صوره الشعرية.
لقد تركت زيارتي الأولى لإيران منذ نحو عشرة أعوام انطباعًا خالدًا. وأعجبتني اللقاءات الودِّية مع الإيرانيين وثقافتهم وطوَّرتُ عادةً شبه مسيحانية على أن أشرح للأصدقاء في ألمانيا أنَّ إيران ليست كما كانوا يعتقدون دائمًا. إنَّ ما قد يبدو اليوم تافهًا إلى حدّ ما بالنسبة لزوَّار إيران ومستخدمي اليوتيوب، كان ما يزال في ذلك الوقت بمثابة اكتشاف مفاجئ.
كانت بشكل خاص الأجواء في حديقة حافظ [الحافظية] بمدينة شيراز على العكس تمامًا من الانطباعات عن المتعصِّبين الملوِّحين بقبضاتهم وحارقي الأعلام والحُكَّام الهائجين، التي يتم تقديمها لنا على شاشات التلفزة من إيران. اعتدتُ على أن أسأل مَنْ يقابلني: “هل تعلم أنَّ أفواجًا من الشباب الإيرانيين يقرؤون كلَّ يوم قصائد عند ضريح حافظ؟”. ثم كانت تتلو ذلك مقارنة ابتكرتُها خصيصًا لتوضيح هذه النقطة: “هذا يعني وكأنَّ الشباب الألمان يتوافدون إلى مدينة فايمار على ضريح غوته ليقرؤوا بعضهم لبعض من ديوانه ’فاوست‘”.
لم يبدأ العام 2020 بداية جيِّدة بالنسبة لإيران حتى قبل جائحة كورونا. ففي شهر كانون الثاني/يناير 2020، اضطر الإيرانيون إلى قراءة تغريدة على موقع تويتر لم تُثر غضبهم وحدهم فقط. في المقارعات بين أمريكا وإيران، هدَّد الرئيس دونالد ترامب بتدمير اثنين وخمسين موقعًا ثقافيًا فارسيًا في حال إصابة جنود أمريكيين بأذى في هجوم إيراني.
واحتجَّت منظمة اليونسكو. وحتى أنا لم أستطع تصديق ذلك. صحيح أنَّ خطابات ترامب باتت معروفة في تلك الأثناء، ولكن في معمعة الأحداث، كان يبدو للحظة حتى مثلُ هذا العمل الجنوني ممكنًا. ماذا لو نفَّذ الرئيس الأمريكي تهديده؟ ماذا لو قُصِفَت حديقة حافظ الهادئة المسالمة وتحوَّلت إلى أنقاض ورماد؟
لقد أصاب ترامب بهذا عصبًا حسَّاسًا لدى شعب مثقَّف لا يشعر بالأمن، يعاني منذ سنين من العقوبات وسيناريو حرب تُهدِّده. ثم أتت بالإضافة إلى ذلك أزمةُ كورونا. لقد كانت إيران الدولة الأولى المصابة بالجائحة والأكثر تضررًا منها في منطقة الشرق الأوسط. وكذلك لا تزال إيران بؤرة الجائحة في المنطقة – مع وجود نحو خمسة وعشرين ألف حالة وفاة بسبب فيروس كورونا في إيران (أي أكثر بكثير من ضعف عدد حالات الوفاة في ألمانيا).
وهكذا فقد بدأت السنة الفارسية الجديدة في شهر آذار/مارس 2020 بنذير شؤوم قاتم. مع أنَّ إيران تستحق ما هو أفضل من ذلك بكثير. أثَّرت إيران في قلبي من خلال دفء شعبها وكرم ضيافة أهلها وتنوُّع مناطقها والتصوُّف العميق في أبيات شعر من شعراء مثل جلال الدين الرومي.
وبعد رحلتي الأولى إلى إيران، قرَّرتُ أن أدْرُس الدراسات الإيرانية. اجتهدتُ في تعلُّم المفردات الفارسية بمعهد عتيق يغطيه الغبار في برلين. وقد كان التحدُّث باللغة الفارسية أهم ثمرة جنيتها من دراسة فلسفية هي بالأحرى بخلاف ذلك دراسة جافة.
وفي خريف عام 2013 انتقلتُ إلى طهران لقضاء فصل دراسي هناك، حيث حقَّقت لغتي الفارسية تقدُّمًا كبيرًا، لدرجة أنَّني استطعت في النهاية حضور دورة حول الشعر الكلاسيكي. وقد فتح لي ذلك نافذةً على العالم الجمالي الذي كان غوته مُتحمِّسًا له في الماضي. كتب غوته في “الديوان الغربي الشرقي” تكريمًا لسلفه الشاعر الفارسي: “وحتى إنْ غرق العالم كله، يا حافظ، أريد أن أتنافس معك، معك وحدك!”.
قصائد متحركة تسير على قَدَمين
وقرَّرتُ كذلك التركيز على ثراء الإيرانيين الثقافي أكثر من التركيز على الاضطرابات السياسية اليومية. وقد كان هذا قرارًا واعيًا لم يكن يهدف بأية حال من الأحوال إلى تجاهل المشكلات السياسية والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. لقد قرَّرتُ ببساطة -في واقع بوجهات نظر متعدِّدة- أن أروي حول إيران روايات أخرى صالحة -بنفس القدر- وأن أضع نغمات مضادة. لماذا يجب علينا أَلَّا نسمع أي شيء عن هذا العالم الذي يمتلك صلاحيته؟ ألسنا نفضح موضوعيَّتنا المفترضة عندما ننظر إلى بعض المناطق فقط من خلال نماذج تفكير تشتغل تلقائيًا؟
وانغمست خلال فترة إقامتي بطهران في ثقافة الإيرانيين الشعرية اليومية. وكنت أشتري أثناء سفري بمترو الأنفاق عبر العاصمة من الأطفال مغلفات صغيرة فيها قصاصات ورق كُتِبَتْ عليها مقتطفات من قصائد حافظ. يعتبر “سحب الفأل” طريقة إيرانية لإضفاء القليل من الحكمة على الرحلات المملة في وسائل النقل العام داخل المدن الكبرى.
وكنتُ أصادف أشخاصًا كانوا يقتبسون خلال كلِّ حديث متوسط الطول بيتًا أو بيتين من الشعر، وقد كان من بينهم سائقو سيَّارات أجرة وعمَّالُ نظافة الشوارع. كان بعضهم يسيرون في الحياة -بحسب وصف صديق إيراني- مثل “قصائد على قدمين”. كانوا يحملون طاقةً إيجابية إلى بيئتهم – طاقة يستمدونها مباشرة من كنز إلهام التصوُّف الشعري الفارسي.
وكذلك حفظتُ بعض القصائد بالفارسية عن ظهر قلب. وبهذا اقتربت قليلًا من أن أصبح جزءًا من المجتمع الإيراني؛ لأنَّ الشعر -مثلما لاحظت- كان بالنسبة للإيرانيين شيئًا يشبه بطاقة العضوية. إذ إنَّ مَنْ يستطِعْ قراءة شعر حافظ أو الرومي من ذاكرته يرتبط بثقافة عابرة للأجيال يتم تناقلها عبر مئات السنين.
وبطبيعة الحال لا يمكن أبدًا إغفال السياسة، فهذا سيكون غير واقعي. لقد عانيت أنا أيضا من استمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران ومن اشتداد التقييد المتزايد على حياة أصدقائي أيضًا خلال الأعوام الأخيرة. وكنتُ في بعض الأحيان أحاول بعد ذلك النظر إلى الأشياء من خلال هذه الحكمة الصوفية الفارسية البسيطة: “اين نيز بگذرد” (هذا أيضًا سيمضي).
ولكن الوضع بات يزداد صعوبةً باستمرار. لم أستقلّ سيارة أجرة خلال زيارتي الأخيرة إلى إيران من دون أن ينتهيَ الحديث مع السائق بشكاوى لا تنتهي (فسائقو سيَّارات الأجرة الإيرانيون يحبون النقاشات السياسية). شكاوى من الأوضاع في البلاد والتضخُّم المالي الكبير والنفاق المصبوغ بصبغة دينية في السياسة، وأيضًا من ادّعاء تخلُّف إيران بالمقارنة مع تقدُّم الأوروبيين.
ثم كان يتم سؤالي: “ماذا تفعل هنا على الإطلاق؟. ماذا ينفعك تعلُّم الفارسية؟ فالمال موجود في مكان آخر”. كنتُ في مثل هذه المواقف أجد صعوبة في الردّ. وكنتُ أحاول أحيانًا أن أشرح أنَّ كرم الضيافة والتقدير المفعم بالحيوية للجذور الثقافية هي ثروات نفتقر إليها “نحن الغربيين”. وكنت أحقِّق نجاحًا طفيفًا فقط – وذلك لأنَّ الكثير من الإيرانيين باتوا منذ فترة طويلة مقتنعين قناعةً ثابتة بصورة إيران السلبية المُستَقطبة.
أمريكا كمقياس لكلِّ الأشياء
عقدة النقص هذه -ما بعد الاستعمارية- يتم تعزيزها أيضًا من خلال المحطات الإخبارية الفارسية المدعومة بسخاء من إنكلترا والولايات المتَّحدة الأمريكية، والتي تشتغل في داخل كلِّ غرفة جلوس إيرانية على الرغم من منعها رسميًا. يعيش الكثير من الإيرانيين اليوم حياةً ذات توجُّه استهلاكي، متأثِّرين بترويج دقيق لأسلوب الحياة الأمريكي -مثلًا في أفلام هوليوود- وتُشجِّعهم على ذلك نتائج العولمة.
لقد تبدَّلت القِيَم. وبات جيل الشاب في المدن ينظر إلى أمريكا كمقياس لكلِّ الأشياء. وأصبحت الروابط الأُسرية التقليدية تتفكَّك. يرى البعض في ذلك “حربًا ناعمة”، وانهيارًا ثقافيًا مقصودًا من الداخل ومدفوعًا من الخارج.
وكلُّ هذا يُحْدِثُ في بعض الأحيان ازدهارًا يبعث على التفاؤل، حتى وإن كان غريبًا. فقد قال لي ذات مرة أستاذُ الأدب الإيراني ايرج شهبازي من جامعة طهران إنَّ “شعر جلال الدين الرومي الصوفي الفارسي يحظى بشعبية كبيرة في إيران أيضًا لأنَّه كان مدرجًا لفترة طويلة على قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في أمريكا”.
تقع أشهر جامعات إيران في وسط هذه المدينة المليونية الصاخبة. وبالفعل: فقد لفتت انتباهي مرارًا وتكرارًا -بينما كنتُ أسير في شارع الثورة مرورًا بالجامعة وعلى طول شارع تنتشر فيه محلات بيع الكتب الشعبية- دواوينُ شعر سميكةٌ لأعمال جلال الدين الرومي معروضة في نوافذ عرض المحلات. لم أرَ قطّ في أي مكان آخر مثلَ هذا العدد الكبير من محلات بيع الكتب المنظَّمة تنظيمًا جيدًا والمنتشرة في بقعة واحدة. عندما تحدَّثت إلى أحد بائعي الكتب، أخبرني بأنَّ حتى التعليقات الأدبية على شعر الرومي والمكوَّنة من ستة مجلدات تُباع حاليًا بشكل جيِّد.
طهران ليست مدينة تستحوذ مباشرة على قلب زائرها. ينبض فيها قلبُ الأمة النابضُ وأحيانًا القلقُ. ومع ذلك، يزدهر هنا أيضًا المشهد الثقافي الأكثر ديناميكية في الشرق الأوسط. تعمل منذ بضعة أعوام مبادرة اسمها “أراك في إيران” على تقريب غير الإيرانيين من حياة هذا المشهد الثقافي وبالتالي على تحسين سمعة البلاد.
لقد بدأ كلُّ شيء في عام 2015 بمنصة على موقع فيسبوك أسَّسها شبابٌ إيرانيون دَرَسُوا في الغرب وشاهدوا كيف يُنظر في الخارج إلى إيران. وكانوا التقوا بأشخاص يخافون بشكل منهجي من السفر إلى إيران. والآن بات بإمكان المسافرين إلى إيران مشاركة تجارب سفرهم مع عدد من الأعضاء يزداد باستمرار في هذه المجموعة الافتراضية.
“لا يتعلق الأمر فقط بنشر الإيجابيات”، مثلما تقول ياسمان تميزكار، وهي فنَّانة وقائمة على معارض، يبلغ عمرها ثمانية وعشرين عامًا، تُقدِّم في مجموعة “أراكُم في إيران” جولات عبر المسارح والمعارض الفنِّية في طهران. وتضيف: “يتم نشر الأخبار الجيِّدة والسيِّئة من دون غربلتها، بحيث تتكوَّن صورة أكثر واقعية”. صورة -بحسب تعبيرها- بعيدة عن التشويهات الإعلامية والخطابات السياسية.
محاصرون في دوامة سلبية
وتساهم في ذلك لقاءات بين الأشخاص وتجارب انفتاح الكثير من الإيرانيين على السيَّاح. تقول ياسمان تميزكار: “يعود الكثيرون إلى أوطانهم كسفراء ثقافيين بعد أن أثرتهم تجاربهم”. أدارت مبادرةُ “أراكم في إيران” خلال الأعوام الماضية حفنةً من الفنادق ومركزًا ثقافيًا، ونظَّمت جولات حضرية وَوَرشات عمل حول موضوعات مثل “نساء الشرق الأوسط” أو “البداوة كتحرُّر”. ولكن في جائحة كورونا لم تعد الفنادق قادرة على البقاء، وتم نقل البرامج الثقافية إلى الإنترنت.
وفي هذا العام (2020)، زاد بشدة من جديد التناقض بين إيران التي عرفتُها وتلك التي تتصدَّر اهتمام الرأي العام. ففي احتجاجات البنزين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، انفجر استياء الكثير من الإيرانيين بكامل قوَّته، خاصةً في المحافظات الحدودية الكردية داخل إيران.
وقد ردَّ الحكَّام بقسوة على الغضب الشعبي وأعمال التخريب، وقُتل الكثيرون من الناس. ثم أعقب ذلك اغتيالُ الجنرال قاسم سليماني بطائرة أمريكية مسيَّرة من دون طيَّار وإسقاطُ طائرة الركاب الأوكرانية بالخطأ بعد وقت قصير من إقلاعها من قِبَل ضابط في القوَّات الجوية الإيرانية. كانت كلُّ الإشارات تشير إلى التصعيد. ومن جديد، كان يبدو أنَّ إيران وقعت في دوامة سلبية. ومن جديد، سألت نفسي: إلى أي مدى وإلى متى يمكن رسم صورة مختلفة لإيران من خلال الجمال الثقافي والعنصر الإنساني؟
يرتبط هذا السؤال بالنسبة لي ببحث دائم صادفت من خلاله في النهاية أسئلةً أكثر عمقًا. على سبيل المثال: ما هي الموضوعية؟ إلى ماذا أريد ويجب عليّ أن أوجِّه انتباهي؟ كيف يمكنني البقاء واقعيًا من دون الإسهام في الأرضية الإعلامية الملغومة بما فيه الكفاية؟ وبعض الإجابات بالنسبة لي هي: الاستمرار في السفر إلى إيران، وحتى إلى حيث لا يسافر أحد آخر.
والحفاظ على الاتِّصال مع أصدقائي الإيرانيين، والسماح لحماسي لأسلوب الحياة الفارسي بأن يتدفَّق في كتاباتي، حتى وإن كان في ذلك مجازفة بأن يتم إقصائي كمستشرق رومانسي.
وعلى أية حال، إنَّ لحقيقة اصطدام حافظ قبل مئات السنين بعدة جوانب دينية وسياسية -لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا- دلالات كثيرة. وعلى سبيل المثال، من بين انتقاداته اللاذعة ما معناه مترجمًا:
“النفاق في عرفهم حلال وكأس الخمر حرام (…) اشرب كأسك، فمائة معصية (…) أفضل من النفاق والرياء”.
[“وأي لوم لمن يحتسي مثل هذه الخمر وهذا الشراب؟!
وأي وعي نعيبه عليه إذا فقد الوعي وأضاع الصواب؟
وشارب الخمر الذي لا رياء فيه ولا نفاق
خير من بائع الزهد الذي يكون فيه الرياء وضعف الأخلاق”
ألا أيها الدرويش حسبك كوبك الملآن
وزهدك في حطام العيش والرحمة والرضوان
فلا تحفل بما قالوا وما يجري ولا ما كان
وكم حلّ على شيراز من بغي ومن طغيان
وزال البغي والباغي وغاب الملك والسلطان
ولكن بقي النسرين والنرجس والريحان.]
يمكن قراءة حافظ من أجل فهم العالم فهمًا أفضل قليلًا. ومن أجل التمتُّع بالحياة على الرغم من عدم استساغة السياسة اليومية. وسواء كان حافظ يقصد الخمر الحقيقي أو كان يقصد به مجازيًا السُّكْر الروحي – فهذا نقاش قديم أُفضِّل عدم الخوض فيه.