بقلم/ عمران سلمان – 20 أبريل 2025/
الجماعات الارهابية المسلحة مثل حزب الله وحركة حماس يصعب إقناعها سلميا بالتخلي عن سلاحها والتحول إلى حركات سياسية. الحل الوحيد هو إجبارها بالقوة على ذلك. والسبب أن هذه الجماعات هي أدوات وظيفية، مغزى وهدف وجودها هو قتال إسرائيل والسيطرة بالقوة على المجال العام في المناطق التي تتواجد فيها.
وتأسيسها وكذلك طبيعة العلاقة التي تربطها بالراعي الإقليمي وهو في حالتنا ايران، ونسيج علاقتها بالجمعيات والتنظيمات المماثلة في المنطقة وكذلك نوعية وطبيعة النشاط الذي تقوم به، يقوم على أساس امتلاكها للسلاح والاستعداد للقتال. إذا فقدت هذه الإمكانية أو الميزة لسبب أو لآخر انتفى دورها الوظيفي ولم يعد لها من أهمية أو قيمة في سياق المحور الذي تنتمي اليه. بمعنى آخر فإن القائها السلاح يعادل في حقيقته النهاية الفعلية لهذه التنظيمات.
لهذا كان رد حزب الله على المطالبين بنزع سلاحه واضحا وصارما في الوقت نفسه، حيث رفض أمين عام “حزب الله” اللبناني، نعيم قاسم، تسليم الحزب سلاحه للدولة اللبنانية، قائلاً “الحزب لن يسمح لأي أحد بنزع سلاحه وسيواجه من يطلب ذلك والمقاومة في لبنان هي رد فعل على احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية”. (العربية 18 أبريل 2025).
وبالمثل أيضا كان رد فعل حركة حماس على الدعوات التي وجهت لها لنزع سلاحها أملا في إنقاذ سكان قطاع غزة، حيث أعلن مسؤولان في الحركة (16 أبريل 2025)، رفضها المطلق لأي طرح يتعلق بنزع سلاحها أو سلاح الفصائل الفلسطينية.
وقال القيادي في الحركة محمود مرداوي، في تصريح نقلته قناة “الأقصى” الفضائية التابعة لـ”حماس”، إن “سلاح المقاومة يمثل حياة الشعب الفلسطيني ولا يمكن التفريط به تحت أي ظرف”، مضيفاً أن الحركة “لن تفاوض على سلاحها أو على مَن يحمل هذا السلاح في أي مرحلة”.
كما عبر عضو المكتب السياسي لحماس باسم نعيم، في تصريح للقناة نفسها عن موقف مماثل حيث قال إن الحركة لن تلقي سلاحها وإن “المقاومة ستبقى مستمرة طالما هناك احتلال”. (الشرق الاوسط 17 أبريل 2025).
وكل جماعة إرهابية ستفعل الشيء نفسه عندما يتعلق الأمر بنزع سلاحها، ولن تذعن لذلك إلا مكرهة وحين لا يكون لديها خيار أو إمكانية أخرى لمواصلة القتال.
وهذا يعطي مصداقية كبيرة للموقف الإسرائيلي الذي يصر على مواصلة الحرب ضد حماس في غزة والعمليات العسكرية ضد حزب الله في لبنان وكذلك الغارات الجوية على أهداف داخل سوريا، ما دامت هذه التنظيمات متمسكة بسلاحها. فالمنطق البسيط يقول إن الإصرار على حمل السلاح يعني نية مواصلة القتال الآن أو في المستقبل.
وبالطبع لا يشكل ذلك فقط مشكلة لإسرائيل ولكنه بالدرجة الأولى مشكلة للمجتمعات التي تنتمي لها هذه الجماعات، إذ أنه يعبر عن فشل هذه المجتمعات في بناء نموذج دولة حقيقي.
وفي حالة بلد مثل لبنان الذي حظي للتو برئيس جديد ورئيس حكومة جديد أيضا، ليس من الواضح كيف سيتمكنان من التعامل مع سلاح حزب الله. فقد أكد كل منهما بوضوح على أن السلاح محصور في الدولة اللبنانية فقط وأن الجيش هو الوحيد المسؤول عن سيادة لبنان واستقلاله. لكنهما لم يتحدثا عن كيفية تطبيق ذلك وما إذا كانا سوف يلجآن إلى القوة لنزع سلاح حزب الله.
وحتى الآن يظهر أن الحكومة اللبنانية الجديدة وإن أظهرت بعض الحزم اللفظي في مسألة وجود أفراد ومجموعات مسلحة تنشط خارج إطار الدولة، إلا أنها تبدو عاجزة عن مقاربة هذا الملف بصورة جدية، وهي مثلها مثل حزب الله تلقي اللوم على إسرائيل لتبرير وجود السلاح الميليشياوي، وهي نفس الكيليشيهات التي طالما استخدمتها الحكومات اللبنانية السابقة في مواجهة دعوات لجم حزب الله، والتي في نهاية المطاف كرست الوجود المسلح للحزب وسمحت له بالتغول على الدولة اللبنانية.
على العموم ربما يكون من الإنصاف منح الحكومة اللبنانية الجديدة بعض الوقت لتنفيذ ما وعدت به، لا سيما أن حزب الله نفسه يمر بحالة من الضعف الشديد بسبب الضربات التي تلقاها ولا يزال من إسرائيل وكذلك سقوط نظام بشار الأسد، شريان الحياة الرئيسي للحزب.
ويمكن قول شيء مشابه عن حركة حماس التي تمر هي الأخرى بمرحلة حرجة، إذ يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على إلحاق الهزيمة الكاملة بالحركة، والاستمرار في الحرب حتى النهاية.
وشخصيا أرجح أنه في نهاية المطاف سيتم نزع سلاح حزب الله وحماس ولن تتمكنا من مقاومة المد الذي سببه “طوفان” الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.