تعليق على مناظرة الأخ رشيد ود. السقار

بقلم/ عمران سلمان – قناة الحرة – 18 يونيو 2021/

في الأسبوع الماضي (10 يونيو 2021) كانت هناك مناظرة فريدة من نوعها على اليوتيوب بين الداعية المسيحي الأخ رشيد والداعية الإسلامي د. منقذ السقار.

المناظرة كانت عن صحة البشارات الواردة في الكتب المسيحية واليهودية عن قدوم نبي الإسلام، وأتصور أن مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، قد شاهدوها حتى الآن.

بطبيعة الحال أشك أن أيا من المشاهدين قد خرج بجواب مقنع على السؤال الذي طرحته المناظرة، فلم يأت السقار بدليل واحد معقول يفيد بأن هناك بالفعل ما يشير إلى أن الكتب المسيحية أو اليهودية قد بشرت بنبي الإسلام، سواء من ناحية الاسم أو الوصف أو تقديم أي دليل ملموس يؤكد الفرضية الإسلامية في هذا الشأن.

وهذا ليس غريبا، لأن كل ما قيل في هذا الأمر منذ القدم وحتى اليوم لا يعدوا أن يكون مجرد ينبغيات وتهيؤات نفسية أو تمارين عقلية ذاتية لا يدعمها منطق أو علم حديث.

وما لم نكن بإزاء اكتشافات جديدة سواء في حقل الأركيولوجيا أو مجال مقارنة الأديان فإن كل ما قيل أو يقال مجرد تكرار لما سبق، ولا يعدوا أن يكون تمارين لفظية ليس إلا.  

وهذا ينطبق أيضا على الحديث عن تحريف الكتب الدينية وما شابه والذي هو مجرد اتهامات متبادلة، لا تقوم على أي دليل عقلي أو مادي، باستثناء ما ورد هنا أو هناك. وما ورد ليس أكثر من تهويمات ذاتية تدور في حلقة مفرغة تصنعها بنفسها لنفسها وتكسر أرجلها بأيديها.     

مع ذلك من الممكن تسجيل بعض الملاحظات هنا على المناظرة. 
الأولى، أن المناظرة أشعرتني حقيقة بأننا لسنا نعيش في القرن الحادي والعشرين وإنما لا نزال نتخبط في تيه القرن السابع الميلادي وما أعقبه.

العودة للنصوص ومحاولة لي عنقها واستنطاق الساحرات، ومن قال ومن لم يقل، هو نموذج للنقاش العقيم الذي كان يدور في تلك الأزمنة. في هذا العصر لدينا علوم حديثة في الجينوم والأريكيولوجيا والمخطوطات والأبستمولوجيا وغيرها، وهي قادرة أن تعطينا صورة معقولة لما نتحدث عنه.

هي صورة قد لا ترضي المؤمنين من هذا الدين أو ذاك، لكنها تظل الأقرب إلى الحقيقة. 

الملاحظة الثانية، تتمثل في استغرابي، أنا على الأقل، من أن بعض المسلمين لا يزال رغم مضي 14 قرنا على الدعوى الإسلامية بحاجة إلى شرعية من خلال الاستدلال على نبوة رسول الإسلام عبر كتب الأديان التي سبقته، أي اليهودية والمسيحية. فما الذي سوف يغير من الأمر إن كانت نبوة محمد قد ذكرت في الإنجيل أو التوراة أو لم تذكر؟ 

لماذا يحتاج بعض المسلمين إلى إثبات أن الديانات السابقة قد تحدثت عن هذا الأمر؟ بل لماذا لا نجد مثل هذا الهوس “المرضي” سوى عند بعض المسلمين، بينما لا نجده عند أتباع أي من الأديان الأخرى؟

فلا المسيحي ولا اليهودي ولا البوذي أو الهندوسي أو البهائي يكترث كثيرا أو قليلا بهذا الأمر. وبالطبع لن يدخل في مناظرات لإثبات ذلك.  

الملاحظة الثالثة، هي أن المناظرات عموما ليس الهدف منها هو إقناع المقتنعين، وإنما تستهدف أولئك الذين لم يقرروا بعد أين يقفون. هذا هو هدف المناظرات الرئاسية الأميركية مثلا. فهي لن تغير من قناعة الديمقراطيين أو الجمهوريين الملتزمين، ولكنها تستهدف فئة المستقلين الذين يمكن أن تتغير وجهات نظرهم بحسب أداء هذا المرشح أو ذاك في المناظرة.

أما الملتزمون فهم قد حزموا أمرهم منذ البداية وقرروا إلى من سوف يصوتون وإلى أي جانب سوف يكونون، ولن تغير نتيجة المناظرة هذا الواقع.

ولأن الأمر هو على هذا النحو نجد أن كلا المعسكرين لا ينتظران أن يتعلما شيئا جديدا من المناظرات وإنما ينظران كيف يوظفانها في الجدل الدائر بينهما. 
وهذا ما حدث بالضبط مع المناظرة التي نحن بصددها.

فالمسلمون وقفوا إلى جانب السقار منذ البداية، وبعدها، لأن هزيمته سوف تعني الإساءة إلى معتقداتهم، وكذلك المسيحيون وقفوا مع الأخ رشيد منذ البداية لأنهم أيضا يريدون الانتصار لمعتقداتهم.

ولذا لم يكن غريبا أن قنوات اليوتيوب العائدة للإسلاميين اعتبرت أن السقار قد انتصر في المناظرة وأنه قد أفحم خصمه، بينما اعتبرت القنوات العائدة للمسحيين أو المتحولين للمسيحية الأمر على النحو المخالف.

هذا لا يعني بالطبع أننا لا نستطيع أن نقيّم ما جرى وما إذا كانت الحجج التي ألقيت في المناظرة هي مقنعة، أو جديرة بالأخذ أم لا، أو تحديد من كانت له الغلبة قياسا إلى موضوع المناظرة، ولكنه يعني أن مثل هذه المناظرات لا تنتج ما يتوقعه الكثيرون منها، أي انتصار واضح أو هزيمة واضحة، وإنما هي فقط تعكس حالة الاستقطاب الشديد، بل الحرب الدينية المكتومة، والتي من غير المعقول أننا لا نزال نعيشها اليوم رغم كل التطور الذي أنجزته البشرية.

1 فكرة عن “تعليق على مناظرة الأخ رشيد ود. السقار”

  1. في الاركيولوجيا لم يذكر لا نبي ولا رسول فالجدال محض خرافة كأني كنت اسمع الى قصص الف ليلة وليلة وتسقط هكذا مناقشات اخبارية ونقلها دون دلائل علمية امام علم الانثروبولوجيا والبابيولوجيا والفيزياء الحديثة..يا سادة يا كرام نحن في الالفية الثالثة وصدق كاتب المقالة فلسنا في القرن السابع..

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *