هل الحل هو هدم التراث الديني؟

بقلم/ عمران سلمان – 29 مايو 2021/

المقصود بالتراث الديني هو جميع الجهد البشري الذي أحاط بالقرآن الكريم من فقه أحاديث وتفسيرات وإعادة التفسيرات (بافتراض صحتها) وهي جميعها تنتمي إلى عصور سابقة، لم تعد تتناسب مع عصرنا أو أي عصر تلاها. والتمسك بها لا يعبر سوى عن عجز ونقص في المخيلة.

لماذا يلجأ إنسان معاصر إلى كتاب فقه كتب في فترة الغزو المغولي مثلا، ليتخذ منه مثالا يمارسه اليوم على معاصريه من المسلمين أو غير المسلمين؟ ألا يعد ذلك نوعا من العجز والتخلف؟

لماذا لا يدرس هذا الإنسان ظروف عصره ويستنبط منها ما يناسبها من الدين الإسلامي أو من أي فكر معاصر؟

لماذا هذه العملية المعكوسة والتي تقحم الأموات في شؤون الأحياء والتي لا يمكن أن يشعر أي إنسان بارتياح تجاهها؟

هل من الصعب مثلا أن يخرج الإنسان المسلم بإجابات تخص المسائل التي تطرح اليوم؟ لماذا يتعين عليه أن يبحث عن الإجابات في الدفاتر والكتب القديمة؟

الواقع أن العقل العربي والإسلامي محطم، بما في ذلك العديد من المتنورين، الذين وإن رأوا الضوء في بقعة فإن الظلمة تغشاهم في بقاع كثيرة.

لا يمكن للإنسان أن يغفل عن أثر التراث الديني في تأبيد الحقد والكراهية المتأصلة في قلب كل مسلم لأتباع الديانات الأخرى. كثيرون لا يستطيعون أن يحبوا اليهود أو يشعروا بالتضامن الحقيقي مع المسيحيين أو يتعاطفوا مع الهندوس والبوذيين والبهائيين وغيرهم. لماذا؟

لأن التعاليم الدينية القديمة، حتى وإن انمحت على مستوى السطح، فإنها لا تزال تمارس فعلها في لا وعي الإنسان. إنها تشتغل فيه ومن خلاله، عبر توسيع الفجوة بينه وبين باقي البشر عبر اصطناع الأفضلية والأحقية من جهة والدونية والقردة والخنازير من جهة أخرى.

يخيل لك أحيانا بأن الأمر له علاقة بالسياسة، ولكن حتى إذا افترضنا حسن النية فإن هذه الكراهية العمياء والتي لا تترك مكانا لتفهم وجهة نظر الآخر أو أخذ مخاوفه بعين الاعتبار، أو تصييره جمادا معاديا بكليته، تضمر بداخلها تأثرا بالتراث الديني الرافض بكليته للآخر ومعاديا له.

 إنسانية الإنسان مشروطة بهدم التراث الديني، وفتح العقول والقلوب إلى رسالة الخالق لمن أراد أن يسمعها، ومن لا يريد فذلك لا ينقص منه شيئا.

والعلاقة بين الإنسان والإنسان بالذات لا ينبغي أن تخضع لهذا التراث، بل لا ينبغي أن يكون الدين نفسه حكما في هذ العلاقة، وإلا استحال الإنسان نفسه إلى مجرد تفصيل صغير في باب المستحبات والمكروهات.

 إخراج الإنسان من حيز التراث إلى رحابة الحياة، هي المهمة التي ينبغي أن تستأثر باهتمام جميع الذين ينشدون نقل الإنسان المسلم من ظلمات التاريخ إلى نور الواقع.

وما هو الواقع؟ إنه تلك العلاقة بين البشر أنفسهم. بين المسلم واليهودي والمسيحي والبهائي والهندوسي والبوذي والملحد واللاديني وغيرهم. وهي علاقة تفرض المحبة والاحترام والتفهم على قاعدة الإنسانية.  

لكن التراث الديني يجعلها علاقة مستحيلة، لأنه يحيلها إلى ملابسات وأحداث قديمة، لا علاقة لها بوقتنا، ولا بظروفنا. وهو يسقط هذه الظروف على الحاضر بصورة تلقائية.

في المحصلة فإن التراث الديني (والتراث يعني القدم) يفسد على الإنسان المعاصر حياته، ويجعله أسيرا للتصورات القديمة.

 إنه يحوله إلى كائن غريب يعيش في غير عالمه ويتنفس هواء غير هواءه.  

فكرتين عن“هل الحل هو هدم التراث الديني؟”

  1. https://tamer567.blogspot.com/2021/06/blog-post.html

    ردي على مقالة الدكتور عمران سلمان حول: الاستغناء عن الموروث الديني
    وهل الحل لتقدم الإنسان المسلم هو هدم هذا التراث الديني؟!.

    الاستغناء عن الموروث الديني هو التنازل عن: علم الفقه، وعلم الحديث، والتفسيرات، والكتب التي اجتهد فيها العلماء؛ وكتبها العُظماء والفُهماء؛ لتكون خير مرشد لنا في تصحيح المسار الذي تتعثر به الأمة.
    هذا ودعا الدكتور عمران إلى ضرورة إعادة التفسيرات (بافتراض صحتها)، وزعمه أن جميعها تنتمي إلى عصور سابقة، ولم تعد تتناسب مع عصرنا أو أي عصر تلاها، وأن التمسك بها، لا يُعبر سوى عن عجز ونقص في المخيلة.

    ببساطة الدكتور عمران دعا إلى أمر بالغ الأهمية، طالبًا فيه من الإنسان، أن يكون إنسان، وأن إنسانيته كإنسان مشروطة بهدم التراث الديني.

    وكأنهُ يدعو إلى العلمانية في تشكيلتها الليبرالية، ومطالبته بذلك هو لاقتلاع جذور كل شيء في الجانب الديني، وترك المجال للإنسان المسلم بالتفكير الحر؛ من أجل ممارسة لعبة التقدم في الحضارة الإنسانية العصرية، لافتًا إلى أن الدين الإسلامي، بعلمائه وأوليائه، وأبريائه وأتقيائه، وضعوا وشكلوا حواجز وقواطع، منعت المسلم من صعود سُلم التقدم والازدهار، في العالم العصري وعلمانيته البحتة، وقيدتهُ وكبلتهُ وحالت دون تقدمه أو تعلمه في مسايرة العالم الانفتاحي بما تطور وتحضر.

    الكاتب/تامر التويج

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.