بقلم/ عمران سلمان – 7 فبراير 2025/
سواء قبل الفلسطينيون بخطة ترامب في قطاع غزة أم لا فإن المعادلة الجديدة الواضحة اليوم هي أنه إذا استمر الوجود العسكري لحماس في القطاع واستمرت سيطرتها عليه، فلن يكون هناك إعمار ولن يكون هناك سلام، وقد يؤدي ذلك إلى الإسراع بخروج سكان غزة منه وحدانا وزرافات.
وبالمثل سوف يشجع تمسك حماس بالسلطة، وقد ظهر ذلك جليا في استعراضها العسكري خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين، على تشدد إسرائيل في تطبيق وقف إطلاق النار وربما يقود إلى تعقيد الموقف برمته.
ويبدو أن حماس في طريقها إلى ارتكاب الخطأ الأخر المميت بعد خطئها القاتل المتمثل في هجوم 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، وهو قيامها بالالتفاف على ما جرى ومواصلة الإمساك بخناق غزة والتركيز على تجنيد المزيد من الفلسطينيين في صفوفها استعدادا لجولات جديدة من الصراع.
حتى الآن يبدو أن هذا ما تخطط له الحركة وما تسعى له حتى وهي تصرح بأنها لا تريد حكم غزة بمفردها وأنها مستعدة للقبول بحكومة وحدة وطنية.
فالواقع على الأرض يظهر أن حماس تخطط لاسترداد السلطة بمجرد أن تهدأ الامور وأن مسلحيها الذين اختبأوا بين المدنيين وفي الأنفاق ونجو بالتالي من مقصلة الجيش الإسرائيلي جاهزون من جديد لاستعادة السيطرة على المناطق الآهلة بالسكان في غزة.
لكن المشكلة الوحيدة التي يبدو أن قادة الحركة لم يستوعبوها هي أن وجود حماس نفسه بات مشكلة بالنسبة لغزة وليس حلا لها. بمعنى أنه على عكس الجولات السابقة من القتال بينها وبين الإسرائيليين، وحيث كانت شروط وقف إطلاق النار تتلخص في تبادل إطلاق الأسرى أو بعض المطالب الأمنية، فإن الواقع اليوم مختلف تماما، حيث أن المطلوب هو القضاء على حكم حماس في غزة نهائيا، وهو مطلب إسرائيلي وأميركي ودولي.
وإسرائيل لن تسمح بأي وجود مسلح لحماس في غزة بعد اليوم، وهي محقة في ذلك، ناهيك عن أن تحكم القطاع. وإذا لم تؤدي المفاوضات الحالية المتعلقة بوقف اطلاق النار إلى هذه النتيجة فإن البديل هو استمرار الحرب حتى يتم القضاء على الآلة العسكرية لحماس نهائيا.
ومن الواضح أن الإدارة الجديدة للرئيس ترامب في واشنطن تدعم هذا الاتجاه، بل أنها وافقت على امداد إسرائيل بالقنابل الاستراتيجية التي لم تتمكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من تأمينها، ما يعني أن أي معركة عسكرية قادمة سوف تكون ساحقة وبطريقة لا تبقي ولا تذر.
والسؤال هو هل تضحي حماس مرة أخرى بسكان قطاع غزة على مذبح مصالحها الحزبية الضيقة أم تنسحب من المشهد غير مأسوف عليها، بعد كل الدمار والخراب الذي تسببت فيه لسكان غزة ومن دون أن يكون للكثير منهم فيه ذنب أو مسؤولية؟
التجارب السابقة تقول إن حماس ومن في حكمها من جماعات الإسلام السياسي لا تملك أدنى شعور بالمسؤولية تجاه المدنيين، بل هي تعتبرهم بمثابة حطب النار الذي تستضيء به أيديولوجيتها، وأنه إذا تعلق الأمر بمصير الإنسان العادي فإن موته مثل حياته لا قيمة له عند هذه الحركة.
لذلك أتوقع أنها سوف تعمل على إعادة الإمساك بسيطرتها على قطاع غزة، ولن تقبل الانسحاب بهدوء، الأمر الذي سوف يستجلب معه ردا إسرائيليا ساحقا، لا يتوقف إلا بالقضاء التام على الوجود العسكري لحماس وهو أمر قد يستغرق سنوات قادمة.