لماذا يقع الناس في شراك الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة؟

دويتشه فيله – 13 فبراير 2021/

انتشرت الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة أثناء وباء كورونا. البعض قد يقع في شراكها بالخطأ، لكن قد يذهب آخرون إلى تصديقها بإرادتهم. ما الذي يجعل هؤلاء يؤمنون بها؟ وهل يمكن معرفة المصادر الموثوقة من تلك المشكوك فيها؟

في عام 2019 وقعت جاكلين فـ. في شراك الأخبار الزائفة بسبب رسالة كاذبة على موقع انستغرام. يفيد محتوى الرسالة بأن ضباط الشرطة أساءوا معاملة المتظاهرين وشنقوهم في محطات المترو في تشيلي، بحسب لقطة نُشرت على موقع إنستغرام. في ذلك الوقت، احتج التشيليون على زيادة أسعار تذاكر المترو؛ “لقد صُدمت تماماً وفكرت، ماذا يفعل رجال الشرطة؟ “، تقول جاكلين فـ. وهي تسترجع ذكريات ما حدث ذلك العام. جاكلين فـ. وقعت ضحية للأخبار الكاذبة بالخطأ وعن طريق الصدفة، لكن في المقابل قد يذهب آخرون إلى تصديق المعلومات الخاطئة ونظريات المؤامرة بإرادتهم.

يوضح الباحث في شؤون الصراعات أندرياس زيك:” الأمر يعتمد على الموقف المسبق لدي” ويوضح: “فأنا أؤمن بأساطير المؤامرة عندما يكون لدي مواقف أو مفاهيم معينة عن العدو مسبقاً. يمكن أن يكون هؤلاء الأعداء، على سبيل المثال، هم الشرطة أو الحكومة أو حتى النشطاء في مكافحة تغير المناخ”. ويضيف زيك إن هناك عدداً لا يحصى من العروض عبر الإنترنت التي تعزز رأيك الخاص. “عندها أستهلك فقط تلك القنوات التي تتوافق تماماً مع رأيي. وهذا أكثر من مجرد فقاعة، إنه نوع من الكون الموازي الذي يلبي جميع الاحتياجات الممكنة”.

من جانبه يرى المحاضر في علم النفس أندرياس كابس من جامعة سيتي لندن إن الخوف يلعب دوراً رئيسياً في هذا الموضوع. ويشرح قائلاً: “قد يكون أحدهم خائفاً من الإبر ولا يريد أن يتم تطعيمه بسبب ذلك”. بعد ذلك يبحث الشخص عن المعلومات التي تفيد بأن التطعيمات خطيرة ولا يجب أن يتم تطعيم المرء بها، “لذلك ليس من المهم أن تسأل نفسك، لماذا لا يؤمن الناس بالعلم، بل بالأحرى لماذا لا يريدون الإيمان بالعلم؟”. ووفقاً لكابيس، ليس هناك فريق بين المتعلمين وغير المتعلمين.

هل يمكن التمييز بين المصادر الموثوقة والمشكوك فيها؟

غير أن القدرة على التمييز بين المصادر الموثوقة والمصادر السيئة والمشكوك فيها تلعب دوراً مهماً هنا، كما توضح عالمة الأعصاب فرانكا باريانين والتي تشرح قائلة: “يميل منظرو نظريات المؤامرة إلى التمييز بشكل ضعيف للغاية بين مصادرهم، أي متى يتعلق الأمر بمصادر خبراء ومتى يكون عبارة عن مقطع فيديو ما على موقع يوتيوب. ببساطة لا يتم تلقين هذا الأمر للأطفال بشكل كافٍ في المدرسة”.

إضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون الأشخاص الذين هم أكثر عرضة لتصديق الأخبار الكاذبة، هم أولئك الأشخاص الذين عانوا من فقدان كبير للسيطرة على حياتهم، كما تقول باريانين. الأخبار الكاذبة من شأنها أن تعيد للناس هذه السيطرة وتشرح عالمة الأعصاب: “يصبح العالم فجأة مفهوماً للغاية”. وتضيف: “وعند ما يشعر المؤمنون بنظرية المؤامرة بعدم الأمان، فإنهم يحاولون إقناع الآخرين أكثر. لأنه إذا كان شخص آخر يؤمن بنفس الشيء، فأنا أشعر بالتأكد مما أومئن به مرة أخرى”.

الملل يشكل أيضا عاملاً إضافياً أثناء فترة تفشي الوباء، فـ”الملل يساعد الناس على الوقوع في شرك نظرية المؤامرة” ، توضح باريانن. فجأة لديك الكثير من الوقت للنظر في عدد من الصفحات والمجموعات. ولديك مجتمع ولم تعد بمفردك في المنزل، وهذه هي الطريقة التي تتعرف بها بمجموعة ما من هذه المجموعات.

الخوارزمية كمحفز للأخبار المزيفة

يقول جينس كويد مادسن، كبير مساعدي الأبحاث بجامعة أكسفورد، إن “الأخبار الكاذبة” ليست نتاجاً لنفسية المستخدم فحسب، بل هي أيضاً نتاج شبكات التواصل الاجتماعي. إن الجمع بين رأي الفرد والخوارزمية أمر خطير. تقول دراسة أمريكية، على سبيل المثال بأن الأخبار الزائفة تنتشر على تويتر أسرع بكثير من الأخبار الحقيقية. ويوضح مادسن: “غالباً ما تحتوي الأخبار الكاذبة على لغة عاطفية، وغالباً ما تحتوي أيضاً على لغة مثيرة للغاية”. في بعض الأحيان تكون المعلومات المضللة سخيفة و “مضحكة” لدرجة أنه قد يشاركها أشخاص هم أنفسهم لا يصدقونها ولا يؤمنون الإيمان الكامل بها.

يوضح أندرياس كابيس أن الأشخاص الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة لا يزالون مقتنعين بالحجج المنطقية. عليك فقط أن تخاطب هؤلاء الأشخاص بالطريقة الصحيحة. يقول الطبيب النفسي: “إذا كنت تناقضهم، فلن يستمعوا إليك”. عليك أن تجد أرضية مشتركة، شيء يمكنك الاتفاق عليه – ثم ناقش الحقائق واستخدمها. لأن: الأشخاص الذين يؤمنون بالأخبار الزائفة عليهم أن يجدوا شيئًا يعيقهم.

من جهتها توضح عالمة الأعصاب، فرانكا باريانن: “من المفيد البحث عن مجالات في الحياة يمكن للمرء اختبار مصداقيتها، والانخراط في المنظمات الديمقراطية”، كما “أن العلاقات الموثوقة في المحيط تساعد دائماً، وكذا القدرة على معرفة وتمييز المصادر الموثوقة من تلك التي ليست كذلك”.

يساعد هذا بشكل خاص الأشخاص مثل جاكلين فـ. الذين يقعون عن طريق الخطأ في شرك الأخبار الزائفة. عندما أدركت جاكلين فـ. أن الأخبار المزعومة عن ضباط الشرطة الذين أساءوا معاملة الناس وشنقهم في تشيلي كانت كاذبة، شعرت بالخجل بعض الشيء. ولهذا السبب صارت تبحث بعناية أكبر منذ ذلك الحين: “إذا كنت لا أعرف ما إذا كان هناك شيء ما على صواب أو خطأ، فأنا أحاول العثور على مزيد من المعلومات حوله. أحاول الاعتماد على مصادر موثوقة وليس على مواقع إنترنيت مشبوهة”.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *