عمران سلمان – الحرة – 15 مارس 2019
تتعرض النائبة الأميركية إلهان عمر منذ فترة إلى حملة انتقادات واسعة من أكثر من جهة. بعضها له علاقة بالتصريحات التي أدلت بها حول تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل في مواقف السياسيين الأميركيين. وهي تصريحات من الواضح أنها تفتقر إلى الحساسية والخبرة في التعامل مع القضايا المثيرة للجدل في الولايات المتحدة. هذا الجانب يمكن الاتفاق أو الاختلاف حول الكثير من تفاصيله. وهو ما يحدث الآن على أية حال.
حجاب إلهان والدستور الأميركي
لكن جانبا من الحملة ضد إلهان ذهب بعيدا إلى محاكمة انتمائها الديني وأصلها الصومالي. هذا الجانب لا أتصور أنه يجب التسامح معه، لأنه يتنافى مع القيم الأميركية ويؤسس لثقافة إقصائية دخيلة على القوانين والمبادئ الأميركية.
فكون إلهان محجبة أو مسلمة أو صومالية الأصل، لا يتعارض مع الدستور الأميركي ولا يتعارض مع كونها نائبة في الكونغرس منتخبة من جمهور دائرتها في ولاية مينيسوتا.محاربة العداء للسامية، لا يستقيم مع إذكاء روح العداء ضد المسلمين أو أية أقلية أخرى في أميركا
غير أن هذا ما حاولت أن توحي بعكسه على الأقل مذيعة قناة فوكس نيوز جينين بيرو يوم السبت الماضي في مقدمة برنامجها، حين قالت في حضور عدد من الضيوف “أنت لا تمثلين حزبك. حزبك ليس معاديا لإسرائيل، ولكن أنت. فكروا في الأمر. إنها لم تأخذ العقيدة المعادية لإسرائيل من الحزب الديمقراطي. إذا لم يكن لهذه العقيدة جذور في الحزب، من أين إذا جاءت بها؟ فكروا في الأمر. عمر ترتدي الحجاب، وبحسب الآية 33:59 من القرآن فإن النساء مأمورات بتغطية رؤوسهن كي لا يتعرضن للتحرش والأذى. هل التزامها الديني هذا مؤشر على تمسكها بالشريعة الإسلامية، والتي تتناقض مع الدستور الأميركي؟”. (ترجمة الكاتب)
فوكس تتبرأ من كلام مذيعتها
يجدر القول هنا قبل الاسترسال بأن قناة فوكس نيوز أحسنت صنعا بمسارعتها إلى إدانة تصريحات جينين بيرو والتبرؤ منها، قائلة إنها لا تمثلها وأنها بحثت هذا الموضوع مع المذيعة المذكورة.
ما أرادت أن تقوله المذيعة باختصار، هو أن تصريحات إلهان عمر ليست بسبب كونها تنتمي إلى الحزب الديمقراطي، وإنما لكونها مسلمة. وإن ارتدائها الحجاب هو علامة على تمسكها والتزامها الديني. ثم حاولت استنتاج أن النائبة الأميركية تدعو بالتالي لتطبيق الشريعة الإسلامية، في محاولة واضحة لربطها بالمتطرفين المسلمين وعدائها للدستور الأميركي، وهو أمر قد يكون له وقع وصدى كبيرين لدى أولئك الذين يعتقدون بأن الولايات المتحدة على وشك الوقوع فريسة لدعاة تطبيق الشريعة!
الأخطر من ذلك أن هذا النوع من التعليقات أو التصريحات في الإعلام يتوجه إلى قطاع واسع من المشاهدين. وهو يغذي الصورة النمطية عن المسلمين لدى قطاع من الجمهور الأميركي، كما أنه يعزز من الكراهية والتعصب والخوف من الآخر.
العداء للسامية والعداء للإسلام
الأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن محاربة العداء للسامية، التي لا يجب التهاون بشأنها، لا يستقيم مع إذكاء روح العداء ضد المسلمين أو أية أقلية أخرى في أميركا. فاليهود هم الآخرون أقلية ولهم مميزات دينية. وهم مستهدفون من جانب مناصري نظرية تفوق العرق الأبيض، الذين نفذوا العديد من الهجمات الإرهابية ضدهم، كان آخرها الهجوم على معبد يهودي في بنسلفانيا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي والذي راح ضحيته 11 شخصا.كان ينبغي أن تظل قضية إلهان عمر في الحيز السياسي العام
لذلك، فإن محاولة تغذية المخاوف من المسلمين بسبب انتمائهم الديني، وليس بسبب أفعالهم وتصرفاتهم السياسية أو الشخصية، يصب في نهاية المطاف في مصلحة المعادين للسامية.
وبالتالي فإن قضية إلهان عمر كان ينبغي أن تظل في الحيز السياسي العام، والتعامل معها باعتبارها قضية سياسية يمكن الاتفاق أو الاختلاف حولها، أما محاولات جرها إلى الجانب الديني أو البحث في الهويات، فهو عدا أنه مناهض لكل ما هو أميركي، فهو أيضا أمر خطير ومن شأنه أن يأتي بنتائج عكسية.