مقتل السنوار فرصة لسكان غزة

بقلم/ عمران سلمان – 23 أكتوبر 2024/

بالفعل كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن وهو محق تماما إنه بعد مقتل زعيم حماس يحي السنوار توجد فرصة لمستقبل لغزة بدون حماس.

فالسنوار هو الواجهة والعنوان الرئيسي لحماس في غزة، وهو رجل إيران والشخصية المتشددة في الحركة وفي غيابه لن تعود حماس هي نفسها، حتى لو تمكنت من تعيين خليفة له، وهو أمر مشكوك فيه وخاصة إذا كان هذا الشخص من داخل القطاع.

الواقع أن مقتل السنوار إلى جانب الإجهاز على قيادات الحركة العسكرية والسياسية في غزة، وخارجها يعني أن حماس في طريقها إلى الانتهاء وأنه لن تقوم لها قائمة في الأراضي الفلسطينية. ربما تظل موجودة عبر بعض الشخصيات والعناوين لكنها لن تشكل أبدا قوة عسكرية وسياسية قادرة على إدارة مناطق فلسطينية بأكملها، كما كان الحال عليه.

بهذا المعنى تكون إسرائيل قد قدمت خدمة جليلة لسكان غزة وللفلسطينيين عموما بالقضاء على تنظيم حماس الذي جلب الويلات والمصائب لهم وربط مصيرهم بأيدي القوى والدول المارقة مثل إيران.

بالطبع هناك الكثر من الحالمين ومن يتلبسهم التفكير بالتمني ممن يعتقدون أن حماس سوف تكون قادرة على إعادة بناء نفسها، رغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها.

مبعث تفكير هؤلاء بالطبع ليس قراءة واقعية للأحداث ولكنها توجهات رغائبية، الهدف منها هو إشاعة أفكار تعويضية عن صدمات الواقع القاسي.

كثيرون في الإعلام العربي لم يتوقعوا انهيار حماس أو حزب الله على هذا النحو وكانوا يمنون أنفسهم بأن إسرائيل سوف تهزم وسوف تفكك وما شابه ذلك، فإذا هم يكتشفون بأن حماس وحزب الله هم في الواقع بيوت عنكبوت وليس أسرائيل.

والقضاء على حماس يتيح في الواقع لسكان القطاع فرصة للبدء في خلق واقع جديد مغاير لما عرفوه وعاشوه حتى الآن.

لكن يظل الخيار بيدهم تحديدا. فاذا هم اختاروا إعادة التجربة نفسها عبر حماس أو غيرها من التنظيمات الإسلامية المتطرفة، فسوف يحصلون على نفس النتيجة ونفس التدمير الذي ينتظر قطاع غزة، وسوف يستمر ذلك حتى يقتنعوا بأنه لا توجد جدوى أو فائدة من استخدام السلاح.  

للأسف فإن السوابق في هذا المجال ليست مشجعة. فهناك استثمار كثيف من البيئة المحيطة بالفلسطينيين والتي تمجد خيار السلاح والعنف والقتل وخيار “المقاومة” و”الاستشهاد” والحلول النهائية التي لا تترك مجالا لتعايش ولا تعترف بمناطق وسطى. وحتى لو وافق الفلسطينيون على نبذ خيار العنف وقرروا التعياش مع الإسرائيليين فإن باقي العرب والمسلمين لن يتركوهم يسلكون هذا السبيل.

وتظهر الطريقة التي تلقت بها المجتمعات العربية والعديد من نخبها نبأ مقتل السنوار والتي غلب عليها طابع التمجيد والتقديس وتدبيج المقالات والمدائح والمعلقات في حقه، أن الاتجاه العام في المنطقة يسير نحو التشدد وليس العكس، وأن  الخيارات السلمية غير مطروحة إلا بالقدر الذي تخدم فيه الفكرة الأصلية وهي إزالة إسرائيل وطرد اليهود.

والحال أن ذهاب السنوار يشكل فرصة دون شك للتهدئة وبحث الخيارات المختلفة أمام سكان غزة، لكنها تظل فرصة أولية وهي بحاجة إلى تضافر جهود كثيرة من أجل أن تتحول إلى واقع ذي مغزى، وهو أمر لكن يكون يسيرا أو متوفرا بصورة تلقائية.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *