بقلم/ عمران سلمان – 5 أغسطس 2024/
تتصيد وسائل الإعلام الداعمة لحماس وتلك المرتبطة بالإسلاميين من إخوان وغيرهم وتحتفي بأي خبر أو مقال مهما كان تافها وغير ذي قيمة في صحيفة أو وسيلة إعلام اجنبية، لمجرد أنه ينفخ أو يحاول أن ينفخ في صورة حماس ويظهرها بمثابة التنظيم الذي لن تتمكن إسرائيل من هزيمته!
طبعا هذه الوسائل لم يكن هدفها أوغرضها في أي يوم من الأيام إجراء مناقشة موضوعية أو علمية لطبيعة المواجهة الحالية بين إسرائيل وحماس ولا أيضا بحث توقعات أو تخمينات بما يمكن أن تسفر عنه هذه المواجهة،
فكل جهدها وتركيزها منصب على إثبات وإظهار فكرة واحدة وهي أن العمل العسكري الحالي لن يقضي على حماس، وبالتالي بحسب هذه الجهات يتعين على إسرائيل أن توقف عملياتها وتنسحب من غزة لأن ما تقوم به لافائدة ولا طائل من وراءه.
الخبر السيء لهذه الجهات هو أن الجهد العسكري الاسرائيلي بالفعل يعتبر ناجحا بكل المقاييس وقد اقترب من كسر ظهر حماس إن لم يكن قد كسره بالفعل.
وبالنظر إلى حجم الخسارة التي لحقت بالتنظيم وهي خسارة يصعب تعويضها، يمكن القول إن زمن حماس العسكري والسياسي ربما قد ولى.
فقد تسبب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر في تدمير كل ما بنته الحركة على مدار30 سنة تقريبا.
علينا أن نتذكر أن حماس قبل الحرب كان لها جيش وجهاز شرطة وجهاز حكومي وجهاز تنظيمي ومؤسسات لا حصر لها، وكانت تحكم قطاع غزة لأكثر من 17 سنة وتسيطر على معبر رفح مع مصر وتتحكم في جميع مفاصل الاقتصاد والحياة السياسية في القطاع كله.
كل ذلك قد أصبح أثرا بعد عين.
بطبيعة الحال لن تتمكن إسرائيل من قتل أو اعتقال كل عنصر في حماس، ويستطيع أعضاء الحركة في الخارج الحفاظ على تنظيمهم واعتباره هو منظمة حماس، لكن المقصود أن حماس المنظمة العسكرية التي كانت تحكم غزة قد انتهت وأنها لن تشكل بعد اليوم تهديدا جديا لإسرائيل. ستظل المنظمة بطبيعة الحال تمارس نوعا من حرب العصابات والكر والفر لكن هذا مجرد تهديد منخفض المستوى يستطيع الجيش الإسرائيلي التعامل معه.
والحال أن الاستنتاجات التي يستند عليها هؤلاء بشأن عدم جدوى العمل العسكري في التعامل مع التنظيمات الارهابية لا يستند على أي دليل من التاريخ.
العكس هو الصحيح. فإن غياب المواجهة العسكرية دائما ما يفضي إلى استمرار وتجذر التنظيمات والأنظمة الإرهابية وسيطرتها على شعوبها ومجتمعاتها وتغولها على جيرانها.
في المقابل تؤكد جميع الشواهد أنه لا يمكن القضاء وهزيمة هذه التنظيمات سوى بالعمل العسكري وخاصة الموجه لقادة وزعماء هذه التنظيمات. فاستهداف النشطاء والعناصر العادية في التنظيم قد يسمح بإحراز بعض التقدم لكنه لا يؤثر بشكل بنيوي على نشاط هذه التنظيمات إذ أنها سرعان ما تقوم بتجنيد عناصر جديدة وتعويض النقص في صفوفها. بينما استهداف القيادات الوسطى والعليا يدمر الهياكل التنظيمية لهذه الجماعات ويجبرها على الانكفاء والانشغال بتأمين سلامتهم أنفسهم، وأحيانا يجعلها بحاجة إلى زمن طويل من أجل لملمة صفوفها من جديد.
والأمثلة على العمل العسكري الناجح كثيرة. فهناك الحملة الدولية ضد داعش والتي أسفرت عن انهيار التنظيم، والحملة الأميركية ضد تنظيم القاعدة والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد التنظيمات الفلسطينية المسلحة.
وهناك أمثلة أخرى في سلطنة عمان وكولومبيا والفلبين واليابان وبريطانيا، جميع هذه العمليات نجحت إما في إضعاف هذه التنظيمات أو القضاء عليها أو إجبارها على التحول إلى العمل السياسي السلمي وإلغاء نشاطها العسكري.
لكن في أي من هذه النماذج لم يطرح أحد فكرة أنه لا يجب مواجهة التنظيمات الإرهابية عسكريا لأن ذ لك قد لا يكون كافيا للقضاء عليها!!
الحقيقة هي أن الصرامة والحزم العسكري هما الأصل في مواجهة التنظيمات المسلحة في المنطقة، بينما المقاربات الأخرى السياسية والأيديولوجية تظل مهمة أيضا ولكنها لا تعمل لوحدها. وفي الحالات التي تظهر فيها هذه التنظيمات القسوة والتوحش والإرهاب المجرد كما فعلت حركة حماس فإن الرد الوحيد هو ضرب الحركة عسكريا وبطريقة لا تستطيع معها أن تكرر ما فعلته أو أن تشكل تهديدا أمنيا في أي يوم من الأيام على المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.