بقلم / عمران سلمان – 23 يوليو 2024/
الضربة التي وجهها الطيران الإسرائيلي لميناء الحديدة في اليمن ردا على هجمات الحوثيين حققت نتائج أفضل بكثير من النشاط العسكري الأميركي والبريطاني المستمر منذ أشهر والذي كان يهدف إلى منع الحوثيين من استهداف السفن المارة عبر باب المندب وتهديد الملاحة الدولية من دون جدوى.
الأنكى من ذلك أن المسلحين الحوثيين زادوا من أنشطتهم الهدامة والإرهابية رغم الضربات التي وجهتها القوات الأميركية والتي لم تتجاوز قصف منصات صواريخ أو إسقاط مسيرات هنا وهناك!
في المقابل فقد تسببت الضربة الإسرائيلية بتدمير جزئي لميناء الحديدة وهو المنفذ الذي تحصل منه جماعة الحوثيين الإرهابية على وارداتها العسكرية وغيرها من إيران ومن مصادر أخرى مختلفة.
والأمل أن تعاود الطائرات الإسرائيلية هجومها لتدميره كليا، في حال استمر الحوثيون في نشاطاتهم المزعزة للأمن والاستقرار في المنطقة. وهم بلا شك سيفعلون.
والمغزى هنا واضح، وهو أن حرمان الحوثيين من مصادر تمويلهم وتدمير المؤسسات ومنشآت البنية التحتية والقواعد العسكرية وجميع المؤسسات التي يعتمد عليها الحوثي في إدارته وتحكمه في اليمن وحصوله على الأموال والمنافع التي تدعم نظامه.. استهداف ذلك كله وتدميره أو على الأقل تدمير ما يمكن منه هو الذي سوف يوقف إرهاب الحوثي ويجبره على إعادة حساباته.
وتستطيع الولايات المتحدة أن تساعد في هذا الجهد عبر استهداف قادة الحوثيين وتصنيفهم ضمن لوائح الإرهاب التي تستوجب إخضاعهم للعقوبات وتعقب مصادر تمويلهم وتجفيف منابعها.
وفي حال تورطهم في مقتل أميركيين فإنه يجب معاملتهم مثلما جرى التعامل مع قادة تنظيم داعش وتنظيم القاعدة.
الواقع أن سوء إدارة الرئيس بايدن وتخبطها فيما يتعلق بملف جماعة الحوثي والملف اليمني عموما، هو الذي شجع الحوثيين على التمادي في أعمالهم.
فهناك تقصير استخباراتي وكذلك سياسي في التعامل مع اليمن والذي يشبه اليوم أنظمة سابقة في بلدان أميركا الجنوبية، والتي سبق أن كافحتها واشنطن.
مع الفارق أن نظام الحوثي هو أخطر بكثير من تلك الأنظمة، حيث بدأ بأجندة محلية، ثم سرعان ما كشف عن طموحاته الإقليمية، وهو بات اليوم مصدر تهديد خطير في المنطقة.
للأسف نجحت الدعاية الحوثية في تسويق الأزمة الإنسانية في اليمن (كما نجحت حماس في موضوع غزة) واعتبارها هي الوجه الأبرز للوضع الإنساني، الأمر الذي دفع المشرعين الأميركيين إلى التعاطف مع الحوثيين والضغط على السعودية لإنهاء عملياتها العسكرية ضدهم.
والسؤال هو لماذا لا تهتم حكومة الحوثيين بمعاناة اليمنيين وتسعى للتخفيف منها وحلها بدلا من تركيز عملها وجهدها في تصدير الإرهاب للخارج سواء عبر دعم حركة حماس أو تنفيذ الأجندة الإيرانية؟
لو كان الحوثيون حريصون بالفعل على إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن لوفروا واستغلوا جميع الموارد والامكانيات الموفرة لهم لحل هذه المشكلة ولكنهم لا يفعلون ذلك. إنهم يوفرون الأموال من أجل شراء الأسلحة وتطويرها والتخطيط لتوسيع نشاطاتهم وعملياتهم العسكرية.
كما فعلت حركة حماس، حيث استخدمت جميع الموارد المالية وغير المالية التي توفرت لها من أجل بناء شبكة ضخمة من الأنفاق، وإنشاء معامل لتصنيع السلاح وتخزينه، في الوقت الذي لا تمل فيه من الحديث عن حصار غزة وتقدم السكان والوضع الذي يعيشونه باعتباره ضحية للحصار. وهي لا تعمل تقريبا أي شيئا لإنهاء هذا الحصار أو التخفيف منه.
والحال أن حركة حماس وأنصار الله الحوثيين وغيرهم من الميليشيات الدينية المسلحة في المنطقة، هم مشاريع تدمير ولم يكونوا يوما مشاريع بناء. وحيثما تواجدوا يعم الخراب وتعم الفوضى ويندثر وجود الدولة أو يكاد. ومن الخطأ الجسيم التعامل مع هذه الجماعات باعتبارها تمثل السكان الذين تسيطر عليهم بالقوة، وبالتالي منحها الشرعية والاعتراف الرسمي. على العكس من ذلك ينبغي التعامل مع هذه الجماعات باعتبارها خارجة عن القانون وحرمانها من الشرعية والعمل على محاربتها وقطع مصادر التمويل عنها. وهذا هو السبيل الوحيد لإضعافها ومنعها من التحول إلى مشكلة أمنية وسياسية وعسكرية. وكل ما حدث ذلك مبكرا كل ما كانت النتائج أفضل والعكس صحيح.