تقرير هيومن رايتس ووتش – 17 يوليو 2024/
- ارتكبت فصائل مسلّحة بقيادة “حماس” العديد من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية بحق مدنيين أثناء هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل.
- ارتكب المقاتلون الفلسطينيون عمليات قتل بإجراءات موجزة، واحتجاز رهائن، وجرائم حرب أخرى، وجرائم ضدّ الإنسانية مثل القتل العمد والسَّجن غير المشروع.
- على الحكومات ذات النفوذ على الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة الضغط من أجل الإفراج العاجل عن جميع الرهائن المدنيين.
(القدس) – قالت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته اليوم إنّ الجناح العسكري لـ “حماس”، “كتائب القسّام”، وما لا يقل عن أربعة فصائل فلسطينيّة مسلّحة أخرى ارتكبت العديد من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية بحق مدنيين أثناء هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل. على الحكومات التي لها نفوذ على الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة الضغط من أجل الإفراج العاجل عن الرهائن المدنيين، الذين يشكل احتجازهم جريمة حرب مستمرّة، وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
تقرير “‘لا أستطيع محو كل تلك الدماء من ذهني’: هجوم الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول”، الصادر في 213 صفحة، يوثق عشرات حالات الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة في جميع المواقع المدنيّة تقريبا التي هاجمتها يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وشملت جرائم حرب والجريمتين ضدّ الإنسانية المتمثلتين في القتل العمد وأخذ الرهائن، وجرائم خطيرة أخرى. كما فحصت هيومن رايتس ووتش دور مختلف الفصائل المسلّحة والتنسيق فيما بينها قبل الهجمات وأثناءها. تناولت تقارير سابقة لـ هيومن رايتس ووتش العديد من الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيليّة في غزّة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
يوليو/تموز 17, 2024
“لا أستطيع محو كل تلك الدماء من ذهني”
هجوم الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول
قالت آيدا سوير، مديرة قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “توصّلت أبحاث هيومن رايتس ووتش إلى أنّ الهجوم الذي قادته حماس يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول كان يهدف إلى قتل المدنيين وأخذ أكبر عدد ممكن من الرهائن. الفظائع التي حصلت ذلك اليوم يجب أن تؤدّي إلى نداء عالمي من أجل القضاء على الانتهاكات ضدّ المدنيين في إسرائيل وفلسطين”.
بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ويونيو/حزيران 2024، قابلت هيومن رايتس ووتش 144 شخصا، منهم 94 إسرائيليا ومواطنين من جنسيات أخرى شهدوا هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأفرادا من عائلات الضحايا، ومسعفين، وخبراء طبيين. كما تحقق الباحثون من أكثر من 280 صورة وفيديو وحللوها، وقد تم تصويرها أثناء الهجوم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أو مشاركتها مع هيومن رايتس ووتش مباشرة.
صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول، نفّذت فصائل فلسطينية مسلّحة بقيادة حماس عدّة هجمات منسّقة على قواعد عسكريّة وتجمعات سكّانية وفعاليات اجتماعيّة إسرائيلية في مناطق جنوب إسرائيل المتاخمة لقطاع غزّة. هاجمت الفصائل المسلّحة ما لا يقلّ عن 19 كيبوتسا وخمسة موشافات (تجمعات تعاونية)، ومدينتَي سديروت وأوفاكيم، ومهرجانين موسيقيين، وحفلة على الشاطئ. استمرّ القتال معظم اليوم، وفي بعض الحالات لفترة أطول.
في العديد من مواقع الهجمات، أطلق المقاتلون الفلسطينيون النار مباشرة على المدنيين، من مسافة قريبة في كثير من الأحيان، أثناء محاولتهم الفرار، وعلى أشخاص يقودون سياراتهم في المنطقة. ألقى المهاجمون قنابل يدويّة، وأطلقوا الرصاص إلى داخل الملاجئ، وأطلقوا قذائف صاروخيّة على المنازل. كما أضرموا النار في منازل أخرى، ما تسبب في احتراق الناس واختناقهم وأجبر آخرين على الخروج، فأطلقوا عليهم النار أو أسروهم. أخذوا عشرات الرهائن وقتلوا آخرين بإجراءات موجزة.
تحدّثت نيريت هونفالد، وهي ممرضة من كيبوتس بئيري، الذي قتل فيه 97 مدنيا، عن سحب أحد أعضاء فريق الاستجابة السريعة بعد إصابته بالرصاص إلى عيادة الأسنان في الكيبوتس لعلاج جروحه: “كان هناك مسار من الدماء. لا أستطيع محو ذلك من ذهني، كل تلك الدماء”.
راجعت “وكالة فرانس برس” العديد من مصادر البيانات، فخلصت إلى أنّ 815 من أصل 1,195 شخصا قتلوا يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول كانوا مدنيين. كما أخذت الفصائل المسلّحة 251 مدنيا وعنصرا من قوات الأمن الإسرائيلية رهائنَ واقتادتهم إلى غزة. حتى 1 يوليو/تموز، كان ما يزال 116 منهم في غزة، بما في ذلك ما لا يقل عن جثث 42 شخصا قتلوا، بحسب فرانس برس. تم إرجاع جثث 35 آخرين إلى إسرائيل.
تمّ الهجوم بقيادة كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، التي تحكم منذ 2007 قطاع غزة الذي تحتله إسرائيل. أكدت هيومن رايتس ووتش مشاركة أربعة فصائل فلسطينية مسلّحة أخرى استنادا إلى عصابات الرأس التي كان يرتديها المقاتلون للإشارة إلى انتمائهم، وإعلان مسؤوليتها عن الأحداث في منشورات على قنواتها في “تلغرام” ووسائل التواصل الاجتماعي.
ارتكبت الفصائل المسلّحة انتهاكات عديدة لقوانين الحرب ترقى إلى جرائم حرب، منها الهجمات التي استهدفت المدنيين والأعيان المدنيّة؛ والقتل العمد بحق المحتجزين؛ والمعاملة القاسية وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية؛ والجرائم التي تنطوي على عنف جنسي أو قائم على النوع الاجتماعي؛ وأخذ الرهائن؛ والتمثيل بالجثث وسلبها؛ واستخدام الدروع البشريّة؛ والنهب والسلب.
هذا الهجوم الواسع كان موجها ضد مجموعة من السكان المدنيين. كان قتل المدنيين وأخذهم رهائن من الأهداف المركزية للهجوم المخطط له، وليس حدثا طرأ لاحقا، أو انحراف عن الخطة، أو أفعالا معزولة. توصّلت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ القتل المخطط له الذي طال المدنيين وأخذ الرهائن يُشكّلان جريمة ضدّ الإنسانية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب إجراء المزيد من التحقيقات في جرائم أخرى محتملة ضدّ الإنسانية، منها اضطهاد أيّ مجموعة يمكن تحديدها على أسس عرقية أو قومية أو إثنية أو دينية؛ والاغتصاب وغيره من أعمال العنف الجنسي ذات الخطورة المماثلة؛ والإبادة، إذا كان هناك قتل جماعي يهدف إلى “تدمير” جزء من السكان. قد ترقى هذه الأفعال إلى جرائم ضدّ الإنسانية إذا كانت جزءًا من هجوم ضدّ مجموعة من السكان المدنيين، في إطار سياسة تنظيميّة تهدف إلى ارتكاب مثل هذا الهجوم.
أسئلة وأجوبة: هجوم الفصائل الفلسطينية المسلحة على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول
توصّلت أبحاث “هيومن رايتس ووتش” إلى أنّ الفصائل الفلسطينية المسلحة المشاركة في الهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول ارتكبت انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي – المعروفة أيضا بـ قوانين الحرب – ترقى إلى جرائم حرب.
ردّت سلطات حماس على أسئلة وجهتها إليها هيومن رايتس ووتش، مصرّحة بأنّ قواتها تلقت تعليمات بعدم استهداف المدنيين والالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. في حالات عدة، توصلت تحقيقات هيومن رايتس ووتش إلى أدلّة على عكس ذلك.
تؤكد روايات الناجين، إضافة إلى صور وفيديوهات تم التحقق منها، بحث المقاتلين الفلسطينيين عن المدنيين وقتلهم في مواقع الهجوم منذ البداية، ما يُشير إلى أنّ القتل العمد واحتجاز المدنيين كرهائن كان مخططا له وعلى درجة عالية من التنسيق.
بعد أيام من الهجمات، قطعت السلطات الإسرائيلية الخدمات الأساسيّة عن سكّان غزة ومنعت دخول جميع المساعدات باستثناء قدر قليل من الوقود والمساعدات الإنسانيّة، ما يرقى إلى العقاب الجماعي – وهو جريمة حرب – ويؤدّي إلى تفاقم تأثير الحصار الإسرائيلي غير القانوني منذ 17 عاما، وجريمتي الفصل العنصري والاضطهاد اللتين ترتكبهما ضدّ الفلسطينيين.
مباشرة بعد الهجمات التي وقعت على جنوب إسرائيل، بدأت القوات الإسرائيلية قصفا جويا مكثفا، ثم نفذت توغلا بريا ما يزال مستمرا. بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و1 يوليو/تموز، قتل أكثر من 37,900 فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة. كما حوّلت القوات الإسرائيلية أجزاء كبيرة من غزة إلى أنقاض، وهجّرت الغالبية العظمى من السكان وعرّضتهم للأذى.
على جميع أطراف النزاع المسلّح في غزة وإسرائيل الالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي. على الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة إطلاق سراح المدنيين المحتجزين كرهائن فورا ودون قيد أو شرط. وعليها أيضا اتخاذ إجراءات تأديبية مناسبة ضدّ الضالعين في جرائم حرب، وتسليم كل شخص يواجه مذكرة اعتقال صادرة عن “المحكمة الجنائية الدوليّة”.
قالت سوير: “الفظائع لا تبرّر الفظائع. لوقف الانتهاكات التي تدور في حلقة مفرغة في إسرائيل وفلسطين، من الضروري معالجة الأسباب الجذريّة ومحاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة. وهذا يصبّ في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء”.