بقلم/ عمران سلمان – 24 أبريل 2024/
هل تملك إسرائيل ترف السماح لحركة حماس بالإفلات من المعركة الحالية بما دون الهزيمة الكاملة، أي نزع السلاح وتصفية الوجود العسكري والهيمنة على قطاع غزة؟
الإجابة تبدو واضحة وهي أن اي وضعية دون ذلك هي انتصار لحماس وهزيمة لإسرائيل، سوف تدفع هذه الأخيرة ثمنها باهظا في القادم من الأيام والسنين.
الواقع أن حماس لم تترك الكثير من الخيارات أمام إسرائيل، فإضافة إلى هجوم 7 أكتوبر الذي حفر عميقا في نفوس ووجدان الإسرائيليين، فإن التزام الحركة بالقضاء على الدولة العبرية لم يكن في أي يوم من الأيام مجرد شعار سياسي، ولكنه عقيدة وأيديولوجية لها، فضلا عن كونه التزاما دينيا.
وبذلت حماس كل جهد ممكن لإبراز ذلك وإظهاره في الحرب الحالية التي تخوضها ضد إسرائيل والتي أعلنتها عبر ما سمته “طوفان الأقصى”.
وقد سعت الحكومات الإسرائيلية المختلفة، ولا سيما حكومة نتانياهو، إلى تصديق الأوهام بإمكانية التعايش مع جماعة إرهابية مثل حماس، وأنه يمكن ترويضها واقناعها بالجنوح إلى السلم عبر تأمين الأموال والمساعدات لها كي تنشغل في أمور السلطة وإدارة القطاع وتتخلى عن العمل العسكري.
لكن الواقع سرعان ما كذب هذه الأوهام. بل تبين أن العمل العسكري هو الأساس في عقيدة حماس وأيديولوجيتها وأن النشاط السياسي هو غطاء هدفه خدمة تلك العقيدة.
ولذلك فإن الأموال والجهود والوقت الذي صرفته حماس على بناء شبكة الانفاق الضخمة وكذلك تهريب الأسلحة وتصنيعها في القطاع، كل ذلك يدل بصورة قطعية على أن الأولوية لدى قيادة حماس هي قتال إسرائيل وقتل الإسرائيليين.
بل أن ميثاق الحركة يعتبر القضاء على إسرائيل وتحرير فلسطين هو الطريق لإحياء دولة الإسلام، وهو يضع النشاط العسكري لحماس في إطاره الديني، بوصفه جهادا في سبيل الله ويشبه الدعوة لتحرير فلسطين بأنها اعادة اعتبار للفتح الإسلامي ولسيطرة المسلمين الأوائل على هذه المنطقة.
من هنا خلا اسم حماس من أي ذكر لفلسطين واقتصر على “حركة المقاومة الإسلامية”.
وبالطبع فإن الإسلاميين حلفاء حماس وشركائها يفهمون ذلك ولهذا فهم يعظّمون هذا التوجه فيها، أما الباقون من غير الإسلاميين فكثير منهم يعتقدون بأن حماس هي حركة إسلامية وسياسية في الوقت نفسه، وهي حركة لها جناح عسكري وجناح سياسي، وانه بالإمكان الفصل بين الجناحين، حيث يمكن تجريم الأول ووصمه بالإرهاب، بينما الثاني يمكن التعامل معه والسماح له بالعمل لأنه شأنه في ذلك هو شأن باقي الجماعات الإسلامية في المنطقة التي ينشط الكثير منها في الدول العربية والإسلامية، بل ويتخذ بعضها من بعض الأنظمة حلفاء لها ورعاة.
وهذا من جملة الأوهام السائدة والتي مكنت حركة حماس من النفاذ والتغلغل في بعض الدول العربية، وحتى صار لديها مكاتب ومقرات في هذه الدول، وهي ليست أكثر من جماعة إرهابية لا فرق في ذلك بين جناحها السياسي أو جناحها العسكري، فكلاهما يخدم نفس الغرض ويسعى لتحقيق الهدف نفسه.
ولهذا السبب بالذات فإن قادة حماس لن يقبلوا بأي مقترح يطلب منهم نزع سلاح الحركة أو ترك العمل العسكري في مقابل امتيازات سياسية أو مالية تقدمها هذه العاصمة العربية أو تلك.
والحال أن إسرائيل ليس لديها خيار آخر سوى مواصلة حربها ضد حماس ومسلحيها، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وأن السماح للحركة بالتقاط أنفاسها سوف يعني أن الساسة الإسرائليين لم يتعلموا شيئا مما جرى حتى الآن.
لحسن الحظ يبدو أن الإسرائيليين فهموا أخيرا هذا الأمر، ومن الواضح أنهم لا يملكون ترف تكرار الأخطاء السابقة في التعامل مع حماس، إذ أن وجودهم نفسه بات على المحك اليوم أكثر من أي وقت مضى.