بقلم/ عمران سلمان – قناة الحرة – 18 أغسطس 2022/
العديد من الحكومات العربية تود لو أن الولايات المتحدة صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. والعديد من المسؤولين الأميركيين من العاملين في إدارات جمهورية وديمقراطية يتمنون هم أيضا لو استطاعت إداراتهم وضع الجماعةً على قوائم الارهاب.
أكثر من ذلك هناك العديد من المثقفين والكتاب والباحثين العرب والغربيين، يودون حدوث هذا الأمر اليوم قبل الغد.
المشكلة هي أن هذه الخطوة تبدو غير واقعية لأسباب عديدة ليس بينها التوجهات الحزبية للحزبين الديمقراطي أو الجمهوري.
وليس خافيا أن عددا من المشرعين الأميركيين في مجلس الشيوخ وكذلك النواب حاولوا الدفع بمشاريع قوانين في هذا الاتجاه لكنها لم تصل إلى أي نتيجة. لماذا؟
بداية، فإن تصنيف أي جماعة على أنها إرهابية هي عملية طويلة ومعقدة وتتطلب توافر عدة شروط، من أهمها تورط الجماعة أو أعضائها في هجمات تتسبب في مقتل أو استهداف مواطنين أميركيين، أو وجود أدلة على أن هذه الجماعة تآمرت أو تتآمر لقتل أو استهداف أميركيين.
توجد أيضا مواصفات أخرى تتعلق بطبيعة هذه المنظمات والتي تثبت مسؤوليتها عن ممارسة أعمال القتل والإرهاب ضد المدنيين على نطاق واسع.
وبالطبع فإن أي قرار من هذا النوع يجب أن يراعي أيضا المصالح الوطنية للولايات المتحدة.
لكن في الإجمال لا بد أن يكون هناك سجل وإثبات يستوجب اتخاذ مثل هذا القرار.
وحين يصبح هذا القرار متاحا فهو لا يأتي نتيجة رغبات حزبية وإنما نتيجة عمل المحققين وخبراء مكافحة الإرهاب والمختصين في عدد من الوزارات والأجهزة مثل وزارة العدل والخزانة والخارجية والاستخبارات وغيرها الذين يتوصلون إلى نتيجة بأن هذه المنظمة أو تلك تستحق أن توضع على قوائم الإرهاب وأن هناك ما يكفي من الأدلة ضدها في هذا الصدد.
هل هذا يعني أن الحزبين أو مواقف الأعضاء لا علاقة لهم في ذلك؟ بالطبع كلا.
ففي أحيان كثيرة يكون لهؤلاء الأعضاء أو المنظمات أو المراكز البحثية القريبة من الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري دور في إنضاج موقف أو قضية من هذا النوع، لكن قرار الإدراج في لائحة الإرهاب من عدمه هو قرار يتخذ من جانب المعنيين بهذه الملفات وذلك بناء على أدلة ملموسة ومعطيات مثبتة.
هل هذا ينطبق على جماعة الإخوان المسلمين؟
للأسف فإن هذه الجماعة قد أفلتت من هذا التصنيف مرات عدة وذلك لأسباب بينها:
أن جماعة الإخوان المسلمين خلال الخمسين عاما الماضية على الأقل لم تستخدم العنف المسلح ضد خصومها.
الجماعة لم تقتل أميركيا أو تتآمر لقتل الأميركيين.
الجماعة لم يثبت أنها كانت ضالعة أو مساعدة في أعمال إرهابية في أي بلد في العالم.
كذلك لم يثبت أن الجماعة قد مولت بصورة مباشرة أو غير مباشرة أي عملية إرهابية، ولا توجد أدلة على وجود صلة لتنظيم القاعدة أو داعش أو أعضاء في هذين التنظيمين بجماعة الإخوان المسلمين تنظيميا أو سياسيا أو إداريا، رغم أن هؤلاء الأعضاء ربما تأثروا بفكر الجماعة أو كتابات أعضائها، مثل سيد قطب، أو كانوا في وقت ما جزءا منها لكنهم انشقوا عنها.
أما المسألة الأخرى التي تجعل من الصعب على أي إدارة أميركية أن تصنف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية فهو أن اسم الجماعة لا يشمل فروعها في الدول العربية أو العالم. فكل فرع يحمل اسما خاصا به وكذلك هيكله التنظيمي وصلاته وامتداداته.
بمعنى أن تصنيف جماعة الاخوان المسلمين منظمة إرهابية لن يشمل هذه الفروع. وفي حال تقرر إدراج أي منها على قوائم الإرهاب، كما هو الحال مع حركة حماس مثلا، فإن ذلك يتم على حدة ويشمل هذا التنظيم فقط.
الأمر الآخر هو أن العديد من الحكومات العربية تقيم علاقات طيبة مع بعض فروع الإخوان المسلمين، وعلاقات عدائية مع فروع أخرى، وبعض هذه الفروع إما ممثل في الحكومات أو مشارك في الحياة السياسية بشكل من الأشكال.
لنتخيل سيناريو تدرج فيه الولايات المتحدة مثلا جبهة العمل الإسلامي في الأردن، وهي فرع للإخوان المسلمين، ضمن قوائم الإرهاب، كيف ستتعامل الحكومة الأردنية مع هذا الأمر؟
بل كيف ستتمكن الولايات المتحدة من مساعدة الأردن وهو، في هذه الحالة، يقيم علاقة أو يقوم بتحالفات مع جماعة مصنفة إرهابية؟ وقس على ذلك الجزائر والكويت والبحرين والمغرب وغيرها.
لذلك فأن تتوقع بعض الحكومات العربية من الولايات المتحدة أن تدرج الإخوان المسلمين ضمن الجماعات الإرهابية لمجرد أن لديها مشكلة سياسية أو أمنية مع فرع الجماعة في بلدها، هو أمر غير واقعي وغير عملي، رغم الاتفاق على أن الثقافة الإخوانية، وهي ثقافة منتشرة للأسف في العديد من المجتمعات العربية ولها امتداداتها في بعض الدول الغربية، تشجع على العنف والإرهاب.