محمد بدوي مصطفى – موقع قنطرة – 8 فبراير 2022/
جزء أول من حوار مع الكاتب المغربي رشيد أيلال يسلط فيه الضوء على كتابه الذي أثار الجدل وأجج النقاشات في كل أنحاء العالم. حاوره الكاتب السوداني محمد بدوي مصطفى.
في البداية اِسمح لي بأن أطرح عليك أسئلة مهنية للتعرف عليك أكثر وأكثر.
1) من السيد رشيد أيلال الذي تمتلئ بسيرته الأسافير؟
رشيد أيلال: تحية راقية لكم ولاهتمامكم الشفيق، رشيد أيلال إنسان يحاول أن يشق عباب بحر التنوير المتلاطم الأمواج، وسط ركام من الظلام، في عصر عنوانه العريض هو التدافع الكوني بين الكهنوت الديني وبين أنصار العقل، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم.
يقال بأن أقصر قصة كتبها إنسان هي: (فلان ولد وعاش وسيموت) هذه هي المحطات الكبرى التي يجب أن تعبرها كل سيرة، لكن دعني أملأ بعض الفراغات الصغيرة لسيرتي بالقول “رشيد أيلال مغربي مراكشي أمازيغي من أصول سوسية، من مواليد سنة 1974، غادرت المدرسة وأنا طفل صغيرة لم أبلغ بعد 14 من عمري، بسبب أن والدي هجرنا أنا وأمي وإخوتي، فاضطررت لترك المدرسة للعمل، وأنا طفل صغير، لذلك يهوى الكثيرون أن يعيروا رشيد أيلال بمستواه الدراسي الأكاديمي(الثانية إعدادي) غير أني سعيد لأن مغادرتي لكرسي في حجرة داخل مدرسة، مهد لأن تفتح آفاق الكون الرحبة أمام ناظري، للاستفادة من كل الثقافات، ومن كل المفكرين والباحثين، لذلك كان الكتاب صديقي وأنيسي في كل محطات حياتي الكبرى.
وكنت وما أزال محبا للشعر، الذي قرضته في وقت مبكر من مراهقتي، حتى حصلت على الجائزة الثانية في المهرجان الدولي للشعر سنة 2008، جنس القصيدة العمودية، لأهتم بعد ذلك بالبحث في التراث الديني، والعمل على نقد هذا التراث، من خلال سلسلة مقالات، كما شغلت منذ سنة 2008 منصب رئيس الفدرالية الوطنية المغربية للفنون والآداب، ثم مديرا عاما للصالون الأدبي والفكري رباعية الأنس، عملت في مجال الصحافة منذ سنة 2004 بالعديد من المنابر الإعلامية الناجحة بالمغرب، ثم شغلت بعد ذلك منصب رئيس نقابة الصحفيين المغاربة بجهة مراكش أسفي منذ سنة 2016 إلى اليوم، وكان كتاب صحيح البخاري نهاية أسطورة، الذي صدر لي هنا بالمغرب سنة 2017 أهم إنتاجاتي الفكرية لحد الساعة، وهو الكتاب الذي أثيرت حوله زوبعة كبرى من طرف الشيوخ، مدعومة بالجماعات الإخوانية والسلفية هنا بالمغرب وخارج المغرب أيضا”.
2) ما هي محطات السيد أيلال الحرفية وعن وتدرجه المهني في شوارع الحياة المختلفة وما هي نوعية عملك الصحفي والإعلامي في المجال، المرئي أو الكتابي؟
رشيد أيلال: كما أسلفت، كانت أول مرة أعانق فيها مهنة الصحافة سنة 2004 عندما بدأت أشتغل في جريدة جهوية بمراكش، لكن في فترة وجيزة استطعت أن أضع لنفسي اسما في الساحة محليا، لانتقل بعدها للعمل في جريدة أسبوعية وطنية اسمها الانتفاضة من أجل الحداثة، وبعد سنتين انتقلت للعمل في اليومية الورقية الأولى في المغرب حينها وهي جريدة المساء، وبشكل موازٍ كنت مراسلا لراديو شدى إف إم في برنامج شدى الرياضة، وأيضا في قسم الأخبار، كما أسست أسبوعية وطنية أطلقت عليها اسم مجلة الشعب، والآن أعمل بيومية رسالة الأمة ذات التوجه الليبرالي.
3) فكرة كتاب صحيح البخاري – نهاية أسطورة … متى كانت البدايات ولماذا؟
رشيد أيلال: بدأت أهتم بدراسة صحيح البخاري دراسة نقدية، سنة 1996 من القرن الماضي، لكن دراستي تلك كانت محتشمة جدا، لأنني حينها كنت ما أزال متأثرا بالفكر الإخواني، الذي سيطر علي لمدة ست سنوات، تحديدا، حينما كنت في مرحلة المراهقة، وهي مرحلة تتسم بالنزق الفكري، والتسرع العاطفي، لكن منذ سنة 2012 بدأ بحثي ينضج ويصبح أكثر جدية، فبدأت أنشر مقالاتي على صفحتي الفيسبوكية وأيضا في بعض الجرائد الورقية والالكترونية، حتى التقيت سنة 2013 بسيدة اسمها الأستاذة حسناء الإدريسي التي طرحت حينها علي سؤالا مجهريا: (هل فعلا محمد بن إسماعيل البخاري هو من ألف صحيح البخاري؟) فكان هذا السؤال المفتاح الذي فتح لي باب البحث في مخطوطات صحيح البخاري، ولتكون نتيجة البحث الصادمة هي كتاب صحيح البخاري نهاية أسطورة.
4) هل كنت تنتمي لبعض الجماعات الإسلامية كما حدثتني … قص لنا حكاياتك معها؟
رشيد أيلال: نعم في مرحلة مراهقتي وتحديدا سنة 1989 كان التحاقي بصفوف إحدى الجماعات الإسلامية المحظورة بالمغرب، وكانت تطلق على نفسها جماعة العدل والإحسان، وكانت هذه الجماعة تعتمد على الرؤى والكرامات، لأن مرجعية شيخها كانت هي التصوف، وبقيت هناك مدة ست سنوات تقريبا، لم أستسغ كم الخرافات التي كانت تزرعها هذه الجماعة في صفوف مريداتها ومريديها، وكيف كانوا يحيطون مرشدها بهالة من القداسة، فكل ما يتفوه به المرشد يجب أن ينفذ بالحرف، وكان مسؤولوها يحرصون على تنفيذ ذلك بشكل حديدي، وكل من يعزف على نغمة غير نغمة الشيخ يواجه بالإقصاء والمضايقة، بشكل عجيب، وقد شكل انفصالي عن جماعة العدل والإحسان، فرصة لأرى الدين بمنظار آخر غير منظار التوجهات الإخوانية، ولا التيارات السلفية.
(5) هل تعرضت حياتك وحياة أسرتك للخطر بعد نشر كتابك “صحيح البخاري … نهاية أسطورة”؟
رشيد أيلال: نعم فور صدور كتابي تعرضت لتهديدات متواصلة، وأيضا ابنتي تعرضت لمضايقات وأحيانا تعنيف من طرف بعض أساتذة الإسلاميات في المدرسة، الذي كانوا يحرضون ضدها التلاميذ، وكان أكبر خطر تعرضت له، هو محاولة اغتيالي من طرف خلية إرهابية داعشية تنشط بمدينة تطوان شمال المغرب، وتطلق على نفسها كتيبة أجناد البغدادي، ولولا يقظة المخابرات المغربية، التي استطاعت وأد محاولة اغتيالي في مهدها والقبض على عناصر هذه الخلية الإرهابية.
6) ما هو أجمل ما طالك من نشر الكتاب وأقبحه، من المراسلات، الإعلانات، التشهير، برامج التلفزيون، إلخ؟
رشيد أيلال: كتاب صحيح البخاري نهاية أسطورة فتح لي المجال واسعا للظهور في كبريات الفضائيات التلفزيونية العالمية كَـ: فرانس24 وقناة الحرة، وروسيا توداي، وسكاي نيوز عربية، أيضا اكتساح كبريات المجلات والعالمية كجون أفريك وماروك إيبدو الفرنسيتين وهيسبريس والصباح المغربيتين وروزاليوسف والدستور المصريتين، وغيرها من مئات المواقع والقنوات والفضائيات العالمية والجرائد والمجلات، أما عمليات التشهير والكذب والتلفيق التي تعرضت لها، فحدث ولا حرج، غير أني سعيد رغم ذلك، لأنني حققت هدفي من نشر الكتاب وتوزيعه – والذي بالمناسبة لا يزال يتربع على عرش المبيعات بكل من المغرب وتونس رغم مرور أزيد من أربع سنوات على صدوره- حيث نجح الكتاب إلى حد كبير في تحريك المياه الراكدة والعقول المتحجرة.
7) ما هو مصير العودة إلى الدين القويم والمشاركة في المنظومة العالمية بالسلام والعلم والمحبة في سماوات الوطن الإسلامي والعربي، هل ترى أمل في ذلك؟
رشيد أيلال: ما أحوجنا للعودة إلى إسلام القرآن، لكن بتدير وفهم جديدين، فشذرات القرآن اللماعة، تدعونا إلى تشغيل عقولنا، وتخاطبنا في كل لحظة لعلنا نعقل أو نتفكر، أو نتدبر، وتدعونا إلى أن ندخل في السلم كافة، وتحثنا على أن نجنح للسلم، وأن نتعارف ونتثاقف مع كل الشعوب والثقافات، طبعا لدي أمل كبير، لأن تطور العلوم، وتطور الوسائط التي تمكن من الوصول إلى المعلومة، ستمكننا من تذويب الجليد المتكلس على العقول والران المسيطر على القلوب، هناك أمل في الأجيال القادمة، والتي ستواجه أساطير وخرافات الأجداد بكل حزم عقلاني، وبمنهجية علمية صارمة، فلا مجال للأموات في تسيير وتدبير حياة الأحياء بعد اليوم.
8) ما هي التحديات التي يجابهها الإسلام والموروث الديني في هذه الألفية؟
رشيد أيلال: أهم تحدي يواجهه الإسلام والموروث الديني الذي هو التفاعل مع الدين، هو سؤال الحريات الفردية والتعايش السلمي بينه وبين المختلفين عنه، وأيضا الرافضين له، فمنطق الإقصاء والمواجهة العنيفة والانغلاق على الذات هو الأسلوب الذي يدبر به الشيوخ والإسلاميون هذه الملفات الشائكة مع خصومهم، التحدي أن يحول هؤلاء بوصلتهم ليتمكنوا من استيعاب هؤلاء الخصوم، بدل الدخول في مواجهة خاسرة، سلاحهم فيها العلم بينما نحن سلاحنا قال فلان عن فلتان عن علان أقوالا فيها قولان، التحدي الأعظم أن ننتمي لفضاء الإنسانية الأرحب بدل التقوقع على أنفسنا في كيانات قزمة، رفضت العالم وعزلت نفسها إنسانيا ومعرفيا، مشكلتنا هي في أننا نعيش حاضرنا بعقلية أجدادنا، وبهذه الطريقة لا يمكن أن يكون لنا مكان في المستقبل.
9) إن سألت كيف يمكن أن ندرس الدين في كليات القانون والشريعة … هل لك منهجية يمكن أن تقدمها أو منهاج كيف تسير عليه هذه المؤسسات؟
رشيد أيلال: لو لم يكن للدين تأثير إيجابي على حياة الأفراد، لما تم التركيز على الجانب الروحي فيه، لذلك حفر المتصوفون الأوائل كالحلاج والجنيد وابن العربي والنفري وجلال الدين الرومي عميقا في ذاكرة الثقافة الإسلامية الروحية، لكن سرعان ما فشلت دعوتهم الروحية لسلم وسلام عالميين، أمام تنامي مد الفقيه المتشدد الذي تناغم مع السلطان، فما أحوجنا أن يتم التركيز في المناهج التعليمية على البعد الروحي العميق، لإشاعة ثقافة المحبة والسلام.
ولنا في النص القرآني أرضية صلبة لتكريس هذا البعد، بعيدا عن فقه السلف، كما يجب تغيير آليات الفهم، فعلم أصول الفقه لم يتغير منذ أزيد من 12 قرنا مضت، ولم يستطع المهتمون بالشأن الديني أن يبدعوا مناهج علمية تساعدهم على تفكيك الفهم القديم وآلياته، وإنتاج منهجية جديدة، باستعمال العلوم والمناهج المعاصرة، كالاعتماد على الأركيولوجيا (علم الأثار) والكوديكولوجيا (علم المخطوطات) للتأكد من مصادرنا الدينية والتاريخية، والاستفادة من من الفيلولوجيا لفهم اللسان العربي الذي هو لسان القرآن، كما يجب الابتعاد بشكل حذر ودقيق عن ما يطلق عليه السنة النبوية.
فكلنا يعرف الظروف التاريخية التي أنتجت هذه النصوص وكيف تم تلفيق معظمها للرسول، لتحقيق أهداف دنيوية (سياسية واجتماعية واقتصادية)، كما أدعو إلى مختبرات علمية لتفكيك المنظومة القديمة التي لم تعد صالحة لعصرنا ولا لأمصارنا وبناء فهم جديد بآليات جديدة تستفيد كما أسلفت مما وصل إليه العقل الإنساني من تقدم وتطور على جميع الأصعدة.
10) تعددت الندوات والمحاضرات واللقاءات بكل أنحاء الوطن العربي وما زالت تناقش وتحاور وتتصدى لمصير الدين الإسلامي في الألفية الثالثة، ظهرت بوادر مؤملة في بعض البلدان يتصل حراكها بتغير الملامح الجيوسياسية للعالم لا سيما بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر، كيف تقرأ هذا المشهد، وهل هناك نهضة حقيقة مرجوة وتغيير جذري في فهم الدين وموروثه العتيق؟
رشيد أيلال: كان للأعمال الإرهابية التي عرفها العالم منذ أحداث11شتنبر من سنة 2001 دورا كبيرا في اكتشاف أسباب نشوء التطرف في العالم الإسلامي، ليبدأ عمل جدي ومتواصل من طرف الكثير من المفكرين والباحثين في مختلف دول المعمور، لدراسة جذور الإرهاب لتجفيف منابعه، بعد مرور أزيد من عشرين سنة على هذه الأحداث، أصبح المثقفون والباحثون متأكدون تماما أن المشكل يكمن في التراث الإسلامي الذي بنى علاقته بالآخر على ثنائية تضادية، لا مجال فيها لخيارات التعدد، فمنطق مؤمن وكافر، ولاء وبراء، دار حرب ودار إسلام، مسلم ومرتد، حب في الله وبغض فيه، وهكذا تطول القائمة.
هذه العقلية التي أطرت منذ قرون خلت عقل المسلم، هي التي أنتجت لنا القاعدة وداعش وبوكو حرام والتكفير والهجرة والإخوان والسلفيين، وغيرها من التيارات والجماعات المتناسلة والمتكاثرة كالفطر السام، والتي ترى العالم بلونين أبيض وأسود، دون أن تكلف نفسها للبحث في باقي الألوان، وأن بين الأبيض والأسود تكمن ظلال من الرمادي أيضا، هذا الوعي بأصل المشكل، كان سببا لنهوض التيار التنويري من وسط الزحام، ومن داخل المنظومة الإسلامية، لمواجهة هذا التطرف، بإعادة مركز ثقل الإسلام إلى النص القرآني بفهم معاصر.
وبالتالي فإن التراثيين والمتشددين باتوا محاصرين لأول مرة منذ تاريخهم الطويل ومهارتهم المتأصلة في العنف والإقصاء داخل عقر دارهم، من طرف نخبة من العقول المتنورة، لذلك فالوضع بات يسير في اتجاه التنوير، لكن مسيرة التنوير لن تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه، إلا بتوفر الإرادة السياسية لدعم هذا التنوير، كما نرى الآن في السعودية والمغرب والإمارات، لذلك أنا جد متفائل بأن التغيير قادم، ستكون الكلمة على المدى المتوسط للعقل والحكمة والمحبة والسلام.
11) اندلعت ثورات تأججت في كل بقاع الوطن العربي لكنها خمدت، وفي نظري كان مصدر هذه التظاهرات والاجتماعات مآلات السياسة والحياة الاجتماعية المتدنية وتفشى الفقر والجهل، وللإعلام دور بارز في الشأن، وهذه الثورات جاءت موبوءة بعدد من التساؤلات وعلامات الاستفهام والرفض، وقد تعرضت لها بعض المواقع والأقلام لتمتد على المشهد الصحفي العربي المستقل عموما. نجدها كلها تحمل عنوان حرية الرأي والمعتقد للكل، وتحديات الاستمرار والتأثير. والفكرة من طرح هذا السؤال أو التساؤل معكم أستاذ رشيد يرنو إلى إثارة بعض النقاشات السياسية أو الوجودية التي تستفسر عما إذا كان هناك فهم جاد لقضية حرية الرأي والمعتقد بفهمه الواسع في صحن مؤسساتنا السياسية والإعلاميّة؟
رشيد أيلال: الثورات التي اندلعت في بعض دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وإن كان المحرك الأساس لها هو الفقر والهشاشة، لكنها أيضا كشفت عن شيء خطير، هو استبداد الحركات الإسلامية، التي كانت تقدم نفسها بديلا قويا وحتميا عن الأنظمة الحالية، سيما بعد انهيار فكر اليسار، الذي كان يعتمد الثورة الحمراء، في التصدي للمعضلات في هذه الدول، وبعد فشل الرأسمالية المتوحشة في المقاربة الاجتماعية، وتم تكريس هوة كبيرة بين طبقات المجتمعات، كانت الشعوب العربية والإسلامية تراهن على الإسلاميين، الذين صعدوا إلى سدة الحكم، ليكتشف الكل بأن هؤلاء لا مشروع حضاري ولا سياسي ولا اقتصادي ولا ثقافي في جعبتهم، وأنهم كانوا يعتمدون على التهييج العاطفي، وبناء ركام من الأحلام والخيالات في ذهن من صدق كذبهم، لتتساقط أنظمتهم بسرعة خيالية، ولتكتشف الشعوب المصدومة أن هؤلاء الإسلاميين، يريدون الرجوع بدولهم القهقرى، لأسوأ مما كانوا عليه.
لذلك بدأ الكل يطرح السؤال حول ما الطريق إلى التغيير، والحقيقة أن الكثيرين باتوا يرون أن لا سبيل لنهضة اجتماعية واقتصادية وسياسية، إلا بتبني الديمقراطية في بعدها الكوني، كما أن الطريق الأمثل لذلك هو الفصل الكلي بين الدين والسياسة، وتشجيع الدين للعب دوره الكبير في تخليق الحياة السياسية للأفراد، وعودة الدين إلى طبيعته كشأن فردي، يزكي العلاقة العمودية بين الإنسان وخالقه، وإشاعة ثقافة المحبة والسلام، بدل ثقافة الحقد والكراهية، وهناك عمل جاد يسير في هذا الاتجاه، سواء من خلال الإعلام الذي بات تأثيره يكاد يكون منعدما، أمام تنامي دور مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بات بإمكان أي فرد في أي مجتمع في أي ثقافة أن يكون مؤثرا، فحتى مفاهيم الإعلام التقليدي باتت متجاوزة، فبقناة على اليوتيوب أو صفحة على فيسبوك أو حساب على تويتر أو إنستغرام أو تيكتوك بات من الممكن توجيه الرأي العام والتأثير فيه، بمعزل عن الإعلام التقليدي سواء كان ورقيا أو سمعيا بصريا، ودعني أقول لك بأن العالم كله يتغير بشكل واضح وملحوظ، الشيء الذي يتطلب منا عملا متواصلا وجهدا مضاعفا، أمام السرعة التي يعمل بها التغيير لدينا وفي العالم أجمع.