تايمز أوف إسرائيل – 16 فبراير 2021/
أعلنت الجاليات اليهودية في ست دول خليجية يوم الاثنين عن تأسيس أول منظمة مجتمعية في المنطقة، يكملها حاخام ومحكمة يهودية، “بيت دين شبه الجزيرة العربية”.
سيترأس “رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية” (AGJC)، التي تجمع يهود البحرين، الكويت، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، الحاخام الدكتور إيلي عبادي والرئيس إبراهيم داوود نونو.
الرابطة الجديدة ستنشئ محكمة يهودية، التي يُطلق عليها اسم “بيت دين (بيت عدل) شبه الجزيرة العربية”، التي ستتولي النزاعات المدنية، والأحوال الشخصية، والميرات، والطقوس اليهودية. كما ستدير الرابطة وكالة اعتماد الكوشر العربية عبر دول الخليج الست.
يأتي هذا الإعلان في أعقاب إقامة الإمارات والبحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في سبتمبر الماضي كجزء من “اتفاقيات إبراهيم”. كما توصلت إسرائيل لاحقا إلى اتفاقي تطبيع مع السودان والمغرب.
وقال عبادي لتايمز أوف إسرائيل: “اعتقدنا أنه نظرا لأن المستقبل قد تغير في الأشهر الستة الماضية هنا، حيث أن هذه المنطقة تنفتح على وجود الشعب اليهودي … كمجتمعات، يجب أن نجتمع معا ونحاول الحصول على البنية التحتية اللازمة لخدمة المجتمع اليهودي المحلي”.
بعض الدول، مثل الإمارات والبحرين، لديها مجتمعات يهودية راسخة نسبيا، في حين أن البعض الآخر لديها دبلوماسيون ورجال أعمال وعسكريون وموظفون يهود أجانب يعيشون هناك.
وأوضح عبادي: “هناك عدد قليل في المملكة العربية السعودية، وهناك آخرون لا يعيشون حياة يهودية علانية بعد، لكننا نعرف أشخاصا يعيشون هناك وهم أعضاء في رابطتنا”.
وستخدم رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية كلا من اليهود الأشكناز والسفارديين الذين يأتون من دول في جميع أنحاء العالم. سيسعى عبادي إلى دمج التقاليد التاريخية من منطقة الخليج في الحياة الدينية للمنظمة. سيترأس عمليات الختان وحفلات الميتسفاه والزفاف. كما يتم التخطيط للإشراف على ذبح الماشية بحسب الطقوس اليهودية في الأشهر المقبلة.
بيت العدل (بيت دين) يحتاج إلى ثلاثة حاخامات، وعند اجتماعهم، سينضم الحاخامات إلى عبادي كقضاة. وهناك عروض من إسرائيل وأوروبا والولايات المتحدة.
وقال عبادي: “سنقدم خدمات تعليمية على شكل دروس ومحاضرات ومؤتمرات وفصول. سيتم تقديم بعضها بالحضور الشخصي – سأسافر إلى أماكن مختلفة – وسيتم تقديم البعض الآخر عبر Zoom”.
كما تعتزم الرابطة أن تبني ببطء نظام تعليم يهودي، بدءا من برامج الطفولة المبكرة.
في عيد الفصح العبري، الذي يبدأ في أواخر شهر مارس، ستوفر الرابطة للأطفال الصغار كتب صلاة، وخبز مصة، وغيره من الأطعمة لوجبة “السيدر” (عشاء عيد الفصح).
الرابطة ستتلقى تمويلها من قبل جهات مانحة خاصة وأعضاء في المجتمعات المحلية. في هذه المرحلة، لم تتلق أي أموال من حكومات دول.
وقال عبادي إن السلطات الإماراتية كانت داعمة للغاية. “قالوا إن كل ما أحتاجه، فهم يريدون أن يكونون هناك من أجلي ومن أجل المجتمع”.
حتى الآن لم يتواصل عبادي مع السلطات السعودية. وفي هذه المرحلة، يتعامل اليهود المحليون مع حكوماتهم.
في السنوات الأخيرة، خطت دولة الإمارات خطوات كبيرة في تقديم نفسها كدولة منفتحة تحترم جميع الأديان. في عام 2019، أعلن رئيس الدولة خليفة بن زايد آل نهيان عن “عام التسامح” في دولة الإمارات. في هذا السياق، أعلنت الدولة عن بناء مجمع ضخم متعدد الأديان في أبو ظبي سيضم أيضا كنيسا يهوديا.
من المقرر افتتاح ما يسمى بـ”بيت العائلة الإبراهيمية” في عام 2022 ، ومن غير الواضح حاليا من سيُدعى للانتقال إلى المبنى.
من حلب إلى دبي
بدأ عبادي المولود في بيروت، وهو حاخام بارز وعالم في اليهودية السفاردية كان يعيش في مدينة نيويورك، العمل كرئيس للجالية اليهودية في الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر.
ولد عبادي في بيروت لوالدين يهوديين سوريين فرا من حلب في خضم أعمال شغب في أعقاب خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947. “شاهدت عائلتي عن كثب كيف دخل الغوغاء الكنيس ونهبوه وأخذوا مخطوطات التوراة وحرقوها … كيف ألقوا بالحاخام في الشارع. ودخلوا العديد من المحلات التجارية اليهودية ونهبوها”.
قُتل ما يقدر عددهم بـ 75 يهوديا في أعمال الشغب في حلب.
عاشت عائلة عبادي في لبنان لمدة 22 عاما،إلى أت أدركت أن البلاد تتجه نحو حرب أهلية.
نشأ في مكسيكو سيتي وانتقل لاحقا إلى نيويورك للدراسة في جامعة “يشيفا”، حيث رُسم حاخاما في عام 1986. وبعد أربع سنوات، حصل على درجة دكتوراه في الطب ، ولا يزال يزاول المهنة كطبيب خاص متخصص في أمراض الجهاز الهضمي.
لسنوات عديدة، عمل عبادي كزعيم روحي لمعبد “إدموند صفرا” اليهودي. كما أسس “مدرسة الأكاديمية السفاردية” في مانهاتن وترأس معهد “يعقوب صفرا” للدراسات السفاردية في جامعة يشيفا.
وهو مسؤول في المجلس الحاخامي الأمريكي والرئيس المشارك لمنظمة “العدل لليهود من الدول العربية”، وهي مجموعة تدافع عن اللاجئين اليهود من الشرق الأوسط.
قال عبادي إنه لم يتلق سوى ردود فعل إيجابية أثناء تجواله في دبي مرتديا الكيباه، بل أوقفه إماراتيون الذين أرادوا التباهي بمعرفتهم باللغة العبرية وبالأغاني الإسرائيلية. “لقد كانت مفاجأة سارة للغاية.”
وسيواصل مزاولته لمهنة الطب في أحد مستشفيات الإمارات بالإضافة إلى مهامه الحاخامية.
إعادة افتتاح الكنيس في البحرين
إبراهيم داوود نونو من البحرين سيكون رئيس رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية. انتقلت عائلته في تسعينيات القرن التاسع عشر من البصرة بالعراق إلى البحرين، وانضمت إلى مئات اليهود الذين انتقلوا من العراق للبحث عن فرص اقتصادية في البحرين.
استقر عدد أقل من اليهود أيضا في البحرين من إيران في نفس الوقت تقريبا. في أوجه في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كان المجتمع يضم حوالي 800 عضوا، وفقا لنونو، على الرغم من أن آخرين يقولون إن العدد كان يصل إلى 1500. على الرغم من اختلاط أفراد المجتمع اجتماعيا بالمسلمين البحرينيين، إلا أنهم تزوجوا بشكل أساسي داخل المجتمع وعاشوا بالقرب من بعضهم البعض في المنامة. واصل أعضاء المجتمع التحدث بالبصراوي، وهي لهجة يهودية من العربية العراقية وما زالوا يفعلون ذلك.
تم بناء الكنيس اليهودي في البحرين عام 1935، وازدهر المجتمع حتى عام 1947 عندما صوتت الأمم المتحدة لصالح التقسيم. قامت مجموعة من مثيري الشغب، الذين يزعم البعض أنهم عمال أجانب، بإحراق الكنيس وسرقة لفائف التوراة الوحيدة في البلاد. وغادر معظم أفراد الجالية بعد الهجوم أو في العقد والنصف اللذين تليا ذلك، واستقروا في إسرائيل.
يصل عدد القلة التي بقت في البلاد أو أحفادهم إلى حوالي 50 فردا. وتوجد في البحرين مقبرة يهودية لا تزال تعمل، لكن الكنيس – الذي أعاد بناءه والد نونو في التسعينيات – لم يُفتح رسميا أبدا، ولا يزال معظم أفراد المجتمع يصلون في منازلهم. حتى وقت قريب، كان المجتمع يعتمد على القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين للحصول على طعام الكوشر والمواد الطقوسية، لكن هذا الترتيب لم يعد موجودا.
يعيش معظم اليهود الآن في حي أم الحصم في المنامة ، عاصمة البحرين.
معظم أفراد الجالية اليوم ناجحون ماليا وما زالوا ممثلين في مجلس الشورى، الذي يخصص للسكان من المجتمعين اليهودي والمسيحي في البلاد مقعدا واحدا لكل منهما. في عام 2001، أصبح نونو أول يهودي يخدم في مجلس الشورى في البلاد، الغرفة العليا في الجمعية الوطنية. خلفته هدى نونو، التي عملت لاحقا كسفيرة للبحرين في الولايات المتحدة. تم استبدالها بنانسي خضوري ، من أقارب عائلة قدوري صاحبة النفوذ، وهي عائلة يهودية من أصل عراقي مقرها هونغ كونغ أصبحت واحدة من أغنى العائلات في آسيا (وترجمت الكنية بشكل مختلف). هدى نونو وخضوري من أبناء عمومة إبراهيم نونو.
أمضى نونو 15 عاما في الدراسة في المملكة المتحدة، ثم عاد إلى البحرين للانضمام إلى أعمال والده في مجال الصرافة.
سيتم إعادة فتح المعبد اليهودي المعاد بناؤه عند إلغاء قيود كورونا، وستستخدم الجالية لفيفة توراة من إسرائيل.
يتطلع نونو إلى الحصول على تجربة جديدة في البحرين خلال الأعياد اليهودية. “يمكننا التعامل مع الصلوات الأسبوعية بمفردنا. لكننا بحاجة إلى حاخام للأعياد”.
وهو متفائل بأن يؤدي إنشاء رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية “بالتأكيد” إلى إحياء الحياة اليهودية في المملكة. “إذا كنا سنقوم بتنظيم بار ميتسفاه هنا، وإذا كنا سنقوم بتعليم الأطفال هنا، وإذا كنا سنكون قادرين على منحهم تعليما دينيا هنا، فسيحدث هذا فرقا كبيرا”.
وقالت هدى نونو، التي تعمل الآن في وزارة الخارجية البحرينية: “لقد ازدادت الحياة اليهودية في الخليج بشكل كبير خلال العقد الماضي. البحرين، موطن الجالية اليهودية الأصلية الوحيدة في الخليج، شهدت نموا في السياحة اليهودية على مدى السنوات القليلة الماضية. في يونيو 2019، عقدنا أول ’منيان’ (حق النصاب) منذ عقود في كنيسنا خلال ’ورشة السلام من أجل الازدهار’ وبعد ذلك بعامين، نتلقى استفسارات كل يوم تقريبا من يهود حول العالم يسألون عن طعام الكوشر وزيارة المواقع اليهودية في المملكة”.
وأضافت “في العقد الماضي، شهدنا انتقال المزيد من اليهود إلى دول مجلس التعاون الخليجي لأسباب تجارية. بالإضافة إلى ذلك، فقد قرأنا جميعا عن/ أو اختبرنا الطفرة في سفر اليهود في الإمارات العربية المتحدة في الأشهر القليلة الماضية. ونتيجة لذلك، فإننا نقوم بتأسيس رابطة الجاليات اليهودية الخليجية حتى نتمكن من دعم بعضنا البعض”.
وقال إبراهيم نونو إن البحرينيون يتوجهون إليه بحثا عن فرص عمل مع شركات يهودية وإسرائيلية. “هذه علامة جيدة أيضا. هناك بعض الحركة، لكنها بطيئة للغاية. بطريقة ما، من الجيد أن تكون بطيئا. لأنه حتى تتمكن من توعية الناس وتجعلهم يتقبلون التغييرات الجارية، من الأفضل أن تأخذ الأمور بوتيرة أبطأ”.
يتوقع عبادي ازدهار الحياة اليهودية في المنطقة. “أرى بالتأكيد نمو المجتمعات هنا في الخليج لعدة أسباب”. وأشار إلى السياحة وفرص العمل. كما يتوقع أن ينتقل بعض اليهود الذين يتطلعون إلى الابتعاد عن البلدان التي تشهد ارتفاعا في معاداة السامية إلى المنطقة.
بالنسبة لعبادي، فإن بدء حياة جديدة كحاخام في الشرق الأوسط هو أمر شخصي للغاية.
“بالعودة إلى بلد ، حيث أسير في الشوارع، أشعر وكأنني أعود إلى طفولتي في لبنان. سماع الموسيقى العربية، ورائحة المطبخ العربي، والاستماع إلى صلاة المسجد الملهمة”، قال. “يغلق هذا إلى حد ما دائرة التاريخ اليهودي في الدول العربية والإسلامية الذي كان موجودا من آلاف السنين”.