احترام انتقائي للمعتقدات

سناء العاجي – مونت كارلو – 28 يونيو 2021/

المسيحيون حرفوا كتابهم المقدس. هذا أمر معروف للجميع. اليهود حرفوا كتابهم المقدس. لا أحد ينكر هذا. الهندوس يعبدون الأبقار. ما هذا الغباء؟ كم مرة سمعت كلاما مشابها؟ بل كم مرة قلته دون أن يزعجك الأمر ولا أن تجد فيه أدنى إحراج اتجاه معتنقي هذه الديانات؟

تخيل حين تقف أمام جارك المسيحي أو زميلتك اليهودية، وأنت تعتبر أن ديانتهما محرفة وكتابهما محرف… ألا تسأل نفسك: لعل هذا التصور هو من وجهة نظر معتقدك فقط؟ ولعله، وهذا الأهم، تصور يزعجهما كمسيحي متدين وكيهودية متدينة؟

هل سألت نفسك يوما عن إحساس اليهودي والمسيحي وأنت تعتبرهما، انطلاقا من كتابك المقدس، مغضوبا عليهم وضالين؟

هل سألت نفسك يوما عن إحساس المسيحي واليهودي وهو يسمع أئمتنا يدعون عليهم في المساجد والمصلون خلفهم يقولون بكل إيمان وتخشع: “آمين”؟

هل سألت نفسك يوما عن مشاعر الهندوسي وهو يسمع ويقرأ كمّ النكات التي تسخر من ديانته وتستهزئ بها، والتي تسخر أساسا بناء على جهل كبير بالديانة الهندوسية؟

يتحدث معظمنا عن احترام معتقدات الآخرين… لكن الحقيقة أننا نتحدث عن معتقدنا فقط، والذي نريد من الآخر احترامه. لكن، هل نحترم نحن معتقدات الآخرين؟ حتى القضاء، حين يحاكم شخصا بتهمة ازدراء الأديان أو إهانة الدين الإسلامي، هل حاكم يوما مئات الأشخاص الذين يصرحون يوميا بكل وثوقية أن اليهودية والمسيحية ديانات محرفة؟ أليس في الأمر ازدراء أديان بالنسبة لمعتنقي هذه الديانات؟ ألم يخطر ببالك يوما أن المسيحيين واليهود يجرحهم تصريحك هذا تماما كما يجرحك أي تصريح سيء عن ديانتك؟ 

أنت تعتبر أن ديانتك هي الديانة الصحيحة. لكن الأكيد أن البوذي واليهودي والمسيحي والهندوسي وغيرهم يؤمنون أيضا أن ديانتهم هي الديانة الصحيحة. وإلا، منطقيا، لو كانوا يعتبرونها ديانة ضالة أو محرفة، لكانوا تركوها! وأنت نفسك، لو ولدت في منطقة جغرافية أخرى، كنت في الغالب ستدافع عن ديانة أخرى بنفس الحماس.

لذلك، مستقبلا، وأنت تتحدث عن احترام المعتقدات… رجاء، لا تفكر فقط في معتقدك الذي تريد من الآخر احترامه، بل في كل المعتقدات الأخرى… وإلا، فلنقبل بمبدأ الحق في نقد وفي السخرية من كل المعتقدات، لأن مشاعرك ليست أفضل ولا أقدس من مشاعر معتنقي الديانات الأخرى!

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *