بقلم/ عمران سلمان – 30 سبتمبر 2024/
رغم أن نجاح إسرائيل أخيرا في قتل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله بدا كأنه جزءا من التصعيد الجاري في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر 2023، وليس حدثا قائما بذاته، إلا أن الواقع أن هذا الحدث يحمل في طياته أهمية قصوى، وعليه سوف تترتب أمور كثيرة وربما نشهد بسببهه تغيرا في بعض معادلات الشرق الأوسط.
أسباب ذلك عديدة لكن يمكن تلخيص بعضها على النحو التالي:
1- حسن نصر الله لم يكن مجرد زعيم ميليشيا أو تنظيم مسلح في المنطقة، ولكنه كان الشخصية الأبرز في الحلقة الضيقة من محور “الشر” الذي تتزعمه إيران. فهو الشخصية الثانية الأهم بعد المرشد الإيراني علي خامنئي، ولسنوات عديدة كان نصر الله هو الرمز والمعبر الرسمي عن هذا المحور. وتدين معظم الحركات والجماعات المسلحة المماثلة في المنطقة إلى حزب الله في طريقة تشكليها وتسليحها وفي صياغة خطابها.
2- مقتل نصر الله بالطريقة التي تمت بها يثير تساؤلات عدة بينها ما هو مصير التنظيمات الإسلامية الأخرى في المحور الإيراني، إذا تعلق الأمر بالمواجهة مع إسرائيل، حيث أن قدرة إسرائيل على اغتيال الصف الأول في قيادة حزب الله بهذه السرعة والاتقان تجعل من قادة التنظيمات الأخرى يتحسسون رؤوسهم، إذ أنهم لن يكونوا في مأمن من اليد الإسرائيلية أينما كانوا، وهذا من شأنه أن يلقي بظلال كثيفة على النشاط الذي يقومون به وقدرته أن يشكل حقيقة تهديدا جديا لإسرائيل.
بعبارة أخرى فإنه إذا كانت إسرائيل قادرة على تصفية قيادات حزب الله على هذا النحو فإن كل تنظيم آخر في المنطقة من المنتسبين إلى محور “الشر” الإيراني، سيكون استهدافه أهون بكثير.
3- النتائح المترتبة على ضرب حزب الله سوف تنعكس دون شك على محور “الشر” نفسه. إذ أن تصفية قيادات الحزب تعني ولاحقا ربما الحزب نفسه وامتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى التنظيمات الأخرى تعني أن هذا المحور آخذ في التضعضع بصورة واضحة. وبما يجعله غير قادر على إحكام سيطرته أو تشكيل تهديد للاستقرار في المناطق المتواجد فيها.
4- ضرب حزب الله بعد تدمير حركة حماس وأيضا الهجمات التي تستهدف جماعة الحوثي في اليمن كلها تجعل النظام الإيراني منكشفا على نحو لم يحدث من قبل، فهذا النظام كان حتى اليوم يختبىء خلف أذرعه وميليشياته المنتشرة في المنطقة، وعبرها ينفذ سياساته ويطبق استراتيجيته. الآن ومع قيام إسرائيل بضرب وتصفية هذه الأذرع، لن يتبقى أمام النظام الإيراني خيارات كثيرة. الواقع أنه إما أن يضطر إلى الدفاع عن نفسه والدخول في صدام مباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا خيار مكلف بالنسبة له، وإما الانكفاء والتراجع والبحث عن طريقة لحفظ ماء وجهه. وبهذا يكون محور الشر قد تلقى هزيمة نكراء، لن يشكل معها بعد اليوم أي تهديد جدي.
بالطبع لا شيء في تاريخ المنطقة يشي بأن الأمور قد تتجه أخيرا إلى الهدوء والاستقرار المأمول، حتى مع الضربات التي تلقتها هذه الميليشيات، إذ أن ضعف وهشاشة بعض البلدان العربية وتجذر ثقافة العنف والتطرف الديني في المنطقة يجعل من إمكانية نشوء جماعات مسلحة جديدة أو إعادة تأهيل القديم منها خطرا قائما باستمرار.
لكنه يعني على الأقل أن المحور الإيراني تلقى ضربة كبيرة سوف تبقيه لسنوات منخفض النشاط.