صورة المسلمين لن تتغير ما لم يتغير الأصل!

بقلم/ عمران سلمان – 7 يوليو 2023/

يرى بعص الناشطين المسلمين أن النظرة الغربية عموما وفي ألمانيا خصوصا للمسلمين، على ما أظهر تقرير حديث، هي نظرة سلبية ومشوهة لأنها تربط بين المسلمين والهجمات الإرهابية والتطرف والحروب واضطهاد المرأة.. الخ، وهم يؤكدون على ضرورة أن تقوم الحكومات الغربية بتصحيح هذه النظرة التي يعتبرون أنها ظالمة والتوقف عما يعتبرونه تحريضا ضد الإسلام والمسلمين!

والملفت أن هناك احتفاء واسعا بهذا التقرير واعتبار أنه قد أثلج صدور قادة الجاليات الإسلامية في المانيا!

ولكن لم يتساءل أحد لماذا يتخذ 50 في المئة من الألمان موقفا سلبيا من المسلمين؟ كيف تشكلت لديهم هذه القناعة وهل مردها أسبابا حقيقية أم أنها نتاج مؤامرة تستهدف الإسلام والمسلمين؟

بل لماذا يتخذ 90 في المئة من الأفلام الألمانية وكذلك وسائل الإعلام في ألمانيا – بحسب التقرير – موقفا سلبيا من المسلمين؟

هل هي هواية لهذا الإعلام أن يتناول المسلمين ويصرف من وقته وجهده في هذا الموضوع من فراغ؟

والسؤال الأهم والمنطقي بالطبع هو هل صحيح أن هذه النظرة من الأصل مشوهة؟

من الغريب أن واضعي التقرير وكذلك الذين احتفوا به لم يكلفوا أنفسهم عناء طرح بعض الأسئلة المنطقية والبسيطة هنا، بل ولم يفحصوا ما إذا كان للمسلمين أنفسهم أي دور في ذلك، قليلا أو كثيرا؟

ولأنهم لم يفعلوا ذلك فيمكنني أن أقوم به نيابة عنهم، ولنفحص مكونات النظرة السلبية كي نرى ما إذا كانت حقيقية أم مجرد تكهنات.

 أولا: الربط بين المسلمين والهجمات الإرهابية

هذا الربط لم يأت من فراغ. الواقع الذي يعرفه الجميع وتؤكده الأرقام أيضا أن معظم الهجمات الإرهابية، سواء تلك التي شنتها جماعات أو أفراد، سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط أو العالم عموما، هي صادرة عن مسلمين. بمعنى أنه وإن لم يكن معظم المسلمين إرهابيين فإن معظم العمليات الإرهابية قام بها مسلمون.

ثانيا: الربط بين المسلمين والتطرف

أيضا هذا الربط ليس اعتباطا. فالتطرف الديني سمة غالبة لمعظم المجتمعات الإسلامية، ويتجلى ذلك في الموقف من الآخر المختلف في الدين أو اللاديني، كما يتجلى في الموقف السلبي من الحريات والحقوق الطبيعية للبشر والموثقة في المواثيق الدولية وخاصة المتعلقة بحرية المعتقد وحرية التعبير والتمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق.. الخ.   

ثالثا: الربط بين المسلمين والحروب

أما الحروب التي تجتاح العالمين العربي والإسلامي فهي أكثر من أن تخطئها العين. في الشرق الأوسط فقط يمكننا أن نعدد الدول التي تشكل ميدانا للحروب الأهلية، مثل سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن والسودان والصومال وبالطبع الأراضي الفلسطينية. ومن الصعب العثور على مجتمعات إسلامية، قليلة أو كثيرة، وسواء في دول مسلمة أو غير مسلمة لا تعيش أوضاع عنف وحروب أهلية بشكل أو بآخر.   

رابعا: الربط بين المسلمين واضطهاد المرأة

هنا ينطبق القول حدث ولا حرج. فاضطهاد المرأة في المجتمعات المسلمة ليس مجرد سلوكيات أو حوادث فردية، ولكنه أسلوب حياة، وعقيدة دينية، وتراث ثقافي. ومن دون الدخول في تفاصيل النصوص الدينية التي ترى بأنه يجوز للرجل ضرب المرأة مثلا، أو أن قيمة الإنسان تنقسم إلى ثلاثة أقسام، كما في القصاص: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى، وصولا إلى الوصاية الكاملة للرجل والمتمثلة في أنه من يشرّع ومن يحدد ومن يقرر للمرأة طريقة وأسلوب حياتها، فإننا نستطيع القول بأن اضطهاد المرأة أو بالأحرى تثبيت أنها أدنى من الرجل هو حقيقة واقعة عندما يتعلق الأمر بالتشريع وفي جميع القضايا المتصلة بإدارة الأسرة وتلك المتعلقة بالحياة الزوجية ودورها في المجتمع.

ويشكل تحجيب الفتيات الصغيرات (تحت السن القانونية) نموذجا قاتما للطريقة التي يتم بها السيطرة والتحكم بالنساء.

بعبارة أخرى، يمكن القول إن النظرة السلبية للألمان أو غيرهم في المجتمعات الغربية للإسلام والمسلمين لم تأت من فراغ، وإنما هناك سياق طبيعي لها وهناك أساس تؤكده ويثبته ما يقوم به العديد من المسلمين وما يقولونه وما تدعو له النصوص الدينية التي يؤمنون بها ويطبقونها، وما تعيشه معظم المجتمعات الإسلامية نفسها وما تعاني منه الدول التي يعيش فيها غالبية المسلمين أيضا.

ولكي تتغير هذه النظرة السلبية من المهم علاج كل ذلك، والحديث عنه بكل حرية، إذ لا يمكن تغيير الصورة ما لم يتغير الأصل.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *