بقلم/ عمران سلمان – قناة الحرة – 9 سبتمبر 2022/
ماذا يفعل إمام مغربي في فرنسا يبشر بأن “الإسلام هو الحل للتصدي لما يشهده العالم من زعزعة”، وأن “العالم يديره أناس لا دين لهم ولا قانون، وما يحدث في العالم يعود لغياب الإسلام”، كما يؤمن بأن “الشريعة يجب أن توجه سلوك المؤمنين في جميع جوانب حياتهم الخاصة والعامة”؟
حسنا، من حق هذا الإمام، واسمه حسن إيكويسن، أن يعتقد بهذه الأفكار ومن حقه أن يدافع عنها أيضا، ولكن لماذا يصر على البقاء في فرنسا التي تطبق العلمانية وفي أكثر صورها شمولا؟ ألم يكن يجدر به أن يذهب إلى دولة تطبق أو على الأقل ترحب بأفكاره هذه؟
ألم يكن يجدر به أن يكون متجانسا مع ما يقوله ويبثه من أفكار واعتقادات؟
ثم لماذا لم ينفذ قرار طرده الذي أصدرته المحكمة الإدارية الفرنسية إلى المغرب، موطنه الأصلي، وبدلا من ذلك يهرب إلى بلجيكا المجاورة؟
هنا يجد المرء الازدواجية التي يعيشها بعض المسلمين والكثير من الإسلاميين. فهم من جهة يشتمون الغرب وينتقدون كل ما فيه وخاصة قيم الحرية والفردية والمساواة، وفي الوقت نفسه يخاطرون بحياتهم بحرا وبرا وجوا للوصول إليه ثم يتشبثون بالإقامة في دول الغرب ويصارعون من أجل تسوية أوضاعهم فيها واستغلال أي ثغرة قانونية أو أخلاقية من أجل أن يتمكنوا من البقاء، (لنتأمل على سبيل المثال كيف أن اللاجئين المرحلين من بريطانيا إلى رواندا كانوا يضربون رؤوسهم بمقاعد الطائرة أو يحاولون الانتحار بجرح أيديهم وينوحون كما تنوح الثكالى فقط من أجل أن يبقوا في بريطانيا).
لماذا لا يذهب هؤلاء إلى الدول الإسلامية مثل السعودية أو إيران أو قطر أو الكويت أو باكستان أو أفغانستان أو غيرها؟ إذا كانوا يريدون حقا أن يعيشوا في ظل القوانين الإسلامية أو في ظل ظروف قريبة من ذلك فإن الخيار الأول يفترض أن يكون هو اللجوء إلى هذه الدول أو على الأقل محاولة القيام بذلك.
ترى كم عدد الذين يلجؤون إلى هذه الدول أو يستطيعون البقاء فيها بعد لجوئهم إليها؟ هذا أمر أتركه للقارئ كي يفكر فيه.
إن محاولات الإمام المغربي حسن إيكويسن البقاء في فرنسا ضد قرار السلطات، لم تكن أكثر من استغلال للنظام القضائي وسعة صدر فرنسا وبالطبع أيضا أموال دافع الضرائب الفرنسي التي أهدرت في اللجوء إلى المحاكم والمرافعات وما شابه ذلك.
لكن الأمر الغريب وغير المفهوم في الوقت نفسه هو أن فرنسا كدولة ذات سيادة لم يكن باستطاعتها أن تطرد على الفور رجل دين معروف بـ “تصريحاته المعادية للسامية” و”خطابه حول دونية المرأة وخضوعها للرجل” و”التشكيك في حقيقة الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس ورفضه لقوانين الجمهورية لصالح الشريعة الإسلامية “.
وكان على وزارة الداخلية أن تنام على البيض بانتظار قرار المحاكم الفرنسية والأوروبية كي تقرر مصير القضية!
علينا أن نتذكر أننا نتحدث هنا عن حالة واحدة فقط، فكيف يكون الحال مع عشرات ومئات الناشطين الإسلاميين والأئمة المسلمين الذين يعيشون في دول الغرب وينشرون خطاب الكراهية والجهاد ومعاداة السامية ويبذرون الأرض للتعصب والإرهاب ويشجعون الشباب والمغرر بهم على الالتحاق بمنظمات الإرهاب والقتل في الشرق الأوسط.
كيف يمكن للسلطات أن تتخذ خطوات حازمة ضد هؤلاء من دون الوقوع في دوامة الإجراءات القانونية والقضائية التي لا تنتهي؟
بالطبع هذه الإجراءات والقوانين صممت من أجل أن تحمي الأبرياء المتضررين من الإجراءات التعسفية، ولكنها لم تأخذ في اعتبارها أن إسلاميين وجهاديين سوف يأتون من أجل استغلالها.
لا شك أن الدول الأوروبية ابتداء ارتكبت ولا تزال خطأ فادحا بسماحها للإسلاميين من مروجي الكراهية والتعصب الديني والتمييز ضد النساء بالإقامة والنشاط على أراضيها، وثانيا التعامل مع هؤلاء كما لو كانوا يمارسون حرية التعبير أو حرياتهم الدينية!
فلا عجب أنها أصبحت خلال الأعوام الماضية من كبار المصدرين للجهاديين، حيث قدرت عدة دراسات لمعاهد ومراكز أبحاث أوروبية (مثل جامعة بيرمنغهام) بأن عدد من سافروا من أوروبا للانضمام إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا بلغ حوالي 5 آلاف شخص، 20 في المئة منهم من النساء والأطفال.
بإمكان أوروبا أن تستمر في تجاهلها للواقع وسوف تدفع الثمن عاجلا أو آجلا، وهو أمر لا نتمناه بطبيعة الحال، ويمكنها أن تنتهج طريقا آخر وهو حرمان هؤلاء من الملاذات الآمنة، وسن تشريعات تتعامل مع هؤلاء بوصفهم خطرا داهما على المجتمعات الأوروبية والإنسانية عموما. وأن الأمر لا علاقة له بحرية الرأي أو التعبير أو الدين.